للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يثبت ذلك، فإنه لا ينفيه، وليس لك أن تنفيه بغير دليل، لأن النافي عليه الدليل كما على المثبت" (١) .

الثاني: أن يقال: إذا كان دليل العقل لم يثبت هذه الصفات، - وعدم إثباته لها ليس دليلاً على نفيها - فإن هناك دليلاً آخر دل عليها، وهو دليل السمع "ولم يعارض ذلك معارض عقلي ولا سمعي، فيجب إثبات ما أثبته الدليل السالم عن المعارض المقاوم" (٢) .

وهذا الوجه الثاني مترتب على الوجه الأول، ولذلك جمع بينهما في وجه واحد في التدمرية، وأفردهما عن بعض في مجموع الفتاوى (٣) .

الثالث: "أن يقال: يمكن إثبات هذه الصفات بنظير ما أثبت به تلك من العقليات، فيقال: نفع العباد بالإحسان إليهم يدل على الرحمة كدلالة التخصيص على المشيئة، وإكرام الطائعين يدل على محبتهم، وعقاب الكافرين يدل على بغضهم، كما قد ثبت بالشاهد والخبر من إكرام أوليائه وعقاب أعدائه، والغايات المحمودة في معقولاته ومأموراته - وهي ما تنتهي إليه معقولاته ومأموراته من العواقب الحميدة - تدل على حكمته البالغة كما يدل التخصيص على المشيئة وأولى، لقوة العلة الغائبة، ولهذا كان ما في القرآن من بيان ما في مخلوقاته من النعم والحكم وأعظم مما في القرآن من بيان ما فيها من الدلالة على محض المشيئة" (٤) .

لا فرق بين استدلالهم بالعقل على الإرادة والعلم، وبين الاستدلال غيرهم به على الحب والبغض، والحكمة والرحمة وغيرها.

وهذه الوجوه الثلاثة مبينة أن احتجاجهم بدليل العقل على الصفات السبع لا يدل على نفي ما عداها من الصفات الثابتة. ولكن لو عاد الأشعري وقال:


(١) التدمرية (ص:٣٣-٣٤) - المحققة، وانظر في تقرير هذا الوجه: شرح الأصفهانية (ص:٩) - ت مخلوف - ودرء التعارض (٤/٥٩-٦٠) ، التسعينية (ً:٢٤٢-٢٤٣، ٢٥٨) .
(٢) التدمرية (ص:٣٤) المحققة.
(٣) قارن التدمرية (ص:٣٣-٣٤) - المحققة، بمجموع الفتاوى (٦/٤٦) .
(٤) التدمرية (ص:٣٤-٣٥) - المحققة.

<<  <  ج: ص:  >  >>