للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فإن القاهرة بقي ولاة أمورها نحو مائتي سنة على غير شريعة الإسلام، وكانوا يظهرون أنهم رافضة، وهم في الباطن إساعيلية ونصيرية وقرامطة باطنية، كما قال فيهم الغزالي-رحمه الله- تعالى- في كتابه الذي صنفه في الرد عليهم " ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض ". واتفق طوائف المسلمين: علماؤهم وملوكهم وعامتهم من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم على أنهم كانوا خارجين عن شريعة الإسلام، وأن قتالهم كان جائزا، بل نصوا على أن نسبهم كان باطلا.... والذين يوجدون في بلاد الإسلام من الاسماعيلية والنصيرية والدرزية وأمثالهم من أتباعهم، وهم الذين أعانوا التتر على قتال المسلمين (١) ، وكان وزير هو! والنصير الطوسى من أئمتهم " (٢) .

وهذا الذي استجد في هذا العصر جاء مع ظهور التتار وهجومهم على العالم الإسلامى. وهؤلاء التتار كان يحكمهم نظام وقانون وضعه لهم زعيمهم جنكيزخان يسمى بالياسا، أو الياسق، وهذا القانون كانوا يطبقونه بحذافيره، وصارت له عندهم قداسة، وفي هجومهم على المسلمين حملوه معهم وطبقوه.

وكلمة " ياسا" وقد يقال: ياسه، أو يساق أو يسق (٣) ، كلمة مغولية [تركية] تعني قانون التتار الذى وضعه زعيمهم، يقول المقريزى- في أثناء ذكره لمهمات "الحجاب "- حجاب السلاطين- في عهده: وأن متوليها مهمته أن ينصف من الأمراء والجند، تارة بنفسه، وتارة بمشاورة السلطان، وتارة بمشاورة النائب،


(١) من العجيب- وابن تيمية يشير إلى تعاون الرافضة مع التتر- أن من نصوص قانون التتار الياسق الذي ذكرهـ أو بعضهـ المقريزي في خططه نصا يأمر بتمييز ولد علي بن أبي طالب- رضي الله عنهـ وأن لا يكون عليهم كلفة ولا مؤنة: يقول: " وشرط أن لا يكون على أحد من ولد علي ابن أبي طالب- رضى الله عنهـ مؤنة ولا كلفة ". الخطط (٢/٢٢٠) .
(٢) مجموع الفتاوى (٢٨/٦٣٥-٦٣٦) .
(٣) في تاج العروس (٧/٩٨) - مما استدركه في فصل الياء مع القاف- قال عن كلمة " يساق "، " كسحاب" وربما قيل يسق بحذف الألف، والأصل فيه يساغ، بالغين المعجمة، وربما خفف فحذف، وربما قلب قافا، وهي كلمة تركية يعبر بها عن وضع قانون المعاملة "، ولما كان معظم الجزاءات المنصرص عليها في نظام الياسا الاعدام صار من معاني هذه الكلمة القتل أو الموت. انظر: المغول في التاريخ (ج-١ ص: ٣٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>