للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- وهذا أيضاً متفق عليه بين العقلاء السليمي الفطرة، وكل منهم بخير عن فطرته من غير مواطأة من بعضهم لبعض، ويمتنع في مثل هؤلاء أن يتفقوا على تعمد الكذب عادة.

٤- ومنها الطرق النظرية مثل قولهم: كل موجودين فإما أن يكون أحدهما مباينا للآخر أو مداخلا له، وإذا ثبت أنه ليس مداخلا له فلا بد أن يكون مباينا له، وهكذا.

٥- ومنها أنه إذا ثبت أن العالم كرى، وأن الله لا بد أن يكون مباينا لخلقه، والعلو المطلق فوق الكرة، فيلزم أن يكون في العلو (١) .

وكثيرا ما يربط شيخ الإسلام مناقشاته بأمور عمليةواقعية، ولذلك فهو يورد قصة أبي المعالي الجويني مع أبي جعفر الهمذاني لم اعترض عليه وهو يقرر نفي العلو، فقال له الهمذاني: دعنا مما تقول، ما هذه الضرورة التي نجدها في قلوبنا، ما ال عارف قط يا الله إلا وجد من قلبه معنى يطلب العلو، لا يلتفت يمنة ولا يسرة، فكيف ندفع هذه الضرورة من قلوبنا. فصرح أبو المعالي، ووضع يده على رأسه وقالك حيرني الهمذاني، أو كما قال، ونزل (٢) .

ومن عجيب ما جرى لشيخ الإسلام ابن تيمية نفيه مع هؤلاء النفاة ما حكاه بقوله: ولقد كان عندي من هؤلاء النافين لهذا من هو من مشايخهم، وهو يطلب مني حاجة، وأنا أخاطبه في هذا المذهب كأني منكر له، وأخرت قضاء حاجته حتى ضاق صدره، فرفع رأسه إلى السماء، وقال: يا الله، فقلت له: أنت محقق، لمن ترفع طرفك؟ وهل فوق عندك أحد؟ فقال: استغفر الله،


(١) انظر: درء التعارض (٧/٣-٥، ١٣٢-١٣٤) ، ونقض التأسيس - مطبوع - (١/١١٠،٢/٢١-٢٢، ٧٨، ١٠٣-١٠٤، ٤٨٠-٤٨١) ، ومن المخطوط (١/٢٦-٢٧) ، ومجموع الفتاوى (٥/١٥٢،٢٧٥-٢٧٦) ، ودرء التعارض (٦/١١-١٣) ، ومنهاج السنة (٢/٥١٧) ط دار العروبة - المحققة.
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٤/٤٤،٦١، ٥/٢٥٩) ، والاستقامة (١/١٦٧) ، ومنهاج السنة (٢/٥١٥-٥١٧) - ط دار العروبة - المحققة، ونقض التأسيس - مخطوط - (١/٢٧-٢٨) . وقد سبقت الإشارة إلى قصة الجويني والهمذاني - مع بعض مصادرها - في ترجمة الجويني (ص:٦١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>