للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول شيخ لاإسلام: "والعقل دل على أن الله تعالى فوق العالم، وهذه طريقة حذاق أهل النظر من أهل الإثبات، كما هو طريق السلف والأئمة، يجعلون العلو من الصفات المعلومة بالعقل، وهذه طريقة أبي محمد بن كلاب وأتباعه، كأبي العباس الفلانسي، والحارث المحاسبي، وأشباههما من أئمة الأشعرية، وهي طريقة محمد بن كرام وأتباعه، وطريقة أكثر أهل الحديث والفقه والتصوف، وإليها رجع القاضي أبو يعلي، وأمثاله.

ولكن طائفة من الصفاتية من أصحاب الأشعري ومن وافقهم من أصحاب أحمد وغيرهم، يظنون أن العلو من الصفات الخبرية كالوجه واليدين ونحو ذلك، وأنهم إذا أثبتوا ذلك أثبتوه لمجيء السمع به فقط، ولهذا كان من هؤلاء من ينفي ذلك ويتأول نصوصه، أو يعرض عنها، كما يفعل ذلك في نصوص الوجه واليد.

ومن سلك هذه الطريقة فإنه يبطل الأدلة التي يقال: إنها نافية لهذه الصفة، كما يبطل ما به ينفون صفة الاستواء والوجه واليد، ويبن أنه لا محذور في إثباتها، كما يقول مثل ذلك في الاستواء والوجه واليد، ونحو ذلك من الصفات الخبرية. وهؤلاء كلامهم أمتن من كلام نفاة لاصفات الخبرية نقلا وعقلاً ... " (١) .

ولا شك أن الراجح أن العلو معلوم بدليل العقل والفطرة، وقد قرر ذلك شيخ الإسلام بطرق منها: (٢)

١- أن هذا أمر مستقر في فطر بني آدم، معلوم لهم بالضرورة.

٢- أن قصدهم لربهم عند الحاجات التي لا يقضيها إلا هو، وذلك في دعاء العبادة ودعاء المسألة - إنما يكون إلى جهة العلو، فهو كما أنهم مضطرون إلى دعائه ومسألته هم مضطرون إلى أن يوجهوا قلوبهم إلى العلو إليه، لا يتوجهون إلى غيره من الجهات.


(١) درء التعارض (٧/١٣١-١٣٢) ، وانظر أيضا: درء التعارض (٦/٢٠٨-٢٠٩، ٩/١٦) ، ومجموع الفتاوى (١٦/٤٠٧) ، وجواب أهل العلم والإيمان - مجموع الفتاوى - (١٧/٥١-٥٢) ، ونقض التأسيس - مخطوط - (١/٢٩، ٣/٢٧١) .
(٢) انظر: قواعد مهمة وبراهين قوية لأهل الإثبات في نقض التأسيس - مطبوع - (١/٣١٧-٣٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>