للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ونفاة العلو القائلون بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه.

- والحلولية بأن الله في كل مكن.

فصاروا ينطلقون مما انطلق منهم الجهم، والذين تفلسفوا كالرازي وغيره اعتمدوا على مثل هذا تماما وذلك حين احتجوا بالكليات التي لا توجد إلا في الأذهان، وبالنفوس المفارقة التي قال بها الفلاسفة وغيرهم. وهذا يبين ما بين أهل الباطل من ترابط، وكيف يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.

وقد بين شيخ الإسلام الجواب الصحيح لهؤلاء السمنية، وكيف عدل الجهم عن ذلك، وشبه حجته بحجة الرازي على نفي العلو واحتجاجه بما يقوله الفلاسفة في المعقول والنفوس (١) .

وكثيرا ما يعتمد هؤلاء المتكلمون على شبه الفلاسفة (٢) .

٤- أما دعوى أنه لو كان بديهيا لامتنع اتفاق الجمع العظيم على إنكاره، وهم من سوى الحنابلة والكرامية، فجابه من وجوه:

أحدها: أن العكس هو الصحيح، فإن أمم الأرض جميعا يقولون بأن الله فوق العالم، والذين خالفوا ذلك فئات قليلة من الفلاسفة والجهمية والمعتزلة والأشاعرة، تلقاه بعضهم عن بعض تقليداً.

ومسألة العلو ليست من المسائل الصغيرة - التي قد تعرفها أمة أو أتباع نبي دون غيرهم - بل هي من المسائل الكبار المتعلقة بأصل التوحيد وهي مما ينفصل فيه أهل الإيمان عن الإلحاد، ولذلك اتفق الأنبياء جميعا عليها كما اتفقوا على التوحيد (٣) .

ولتواتر النصوص الواردة في إثبات العلو لم يستطع - الأشاعرة المتأخرون


(١) انظر: نقض التأسيس - مطبوع - (١/٣١٨-٣٢٥) ، ودرء التعارض (٥/١٦٥-١٧٥) ، والتسعينية (ص:٣٢-٣٩) .
(٢) انظر: مثالا على ذلك في نقض التأسيس - مطبوع - (١/١٠٣-١٢١) .
(٣) انظر: المصدر السابق (٢/٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>