للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون تحت شيء من المخلوقات، وكأن من احتج بمثل هذه الحجة إنما احتج بالخيال الباطل الذي لا حقيقة له ... " (١) .

"وإذا كانت المخلوقات التي في الأفلاك والهواء والأرض لا يلزم من علوها على ما تحتها أن تكون تحت ما في الجانب الآخر من العالم، فالعلي - سبحانه - أولى أن لا يلزم من علوه على العالم أن يكون تحت شيء منه" (٢) .

وقد سبق - عند ذكر أدلة أهل السنة العقلية على العلو - أن كون العالم كرة من أدلة العلو.

ومنها: أنه لا يسلم لزوم السفول، وإن سلم لزومه فلا بد من دليل ينفي به ذلك، ولا يلزم من ذلك نقص، لأن الأفلاك موصوفة بالعلو على الأرض - مع لزوم ما ذكر من السفول تحت سكان الوجه الآخر - وليس ذلك نقصا فيها. وإذا كان هذا في المخلوقات فالخالق أولى أن يتنزه عنه حين يوصف بالعلو عليها كلها (٣) .

أما دعوى أنه يلزم أن يكون الله فلكا محيطا بالعالم حتى يكون عاليا عليه فيقال: "على هذا التقدير إذا كان محيطا لم يكن سافلا البتة، بل يكون عاليا، وعلى هذا فإذا كان هوا لظاهر الذي ليس فوقه شيء، وهو الباطن الذي ليس دونه شيء، ولو أدلى المدلي بحبل لهبط عليه - كان محيطا بالعالم عاليا عليه مطلقا ولم يلزم من ذلك أن يكون فلكا ولا مشابها للفلك، فإن الواحد من المخلوقات تحيط قبضته بما في يده من جميع جوانبها، وليس شكلها شكل يده، بل ولا شكل يده شكلها" (٤) .

ثم إن العلو لا يشترط فيه الإحاطة، وإن كانت الإحاطة لا تناقضه والناس يعلمون أن الله فوق العالم، وإن لم يعلموا أنه محيط به، وإذا علموا أنه محيط به لم يكن ذلك ممتنعاً عندهم.


(١) درء التعارض (٦/٣٢٨-٣٢٩) بتصرف يسير.
(٢) المصدر السابق (٦/٣٣٠) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (٦/٣٣٠-٣٣٣) .
(٤) المصدر نفسه (٦/٣٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>