للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و"الله تعالى ليس مثل فلك من الأفلاك، ولا يلزم إذا كان فوق العالم ومحيطا به أ، يكون مثل فلك، فإنه العظيم الذي لا أعظم منه" (١) .

"والمقصود: أنه إذا كان الله أعظم وأكبر وأجل من أن يقدر العباد قدره، أو تدركه أبصارهم، أو يحيطون به علما، وأمكن أن تكون السموات والأرض في قبضته لم يجب - والحال هذه - أن يكون تحت العالم، أو تحت شيء منه، فإن الواحد من الآدميين إذا قبض قبضة أو بندقة أو حمصة أو حبة خردل وأحاط بها يغر ذلك، لم يجز أن يقال: إن أحد جانبيها فوقه، لكون يده لما أحاطت بها كان منها الجانب الأسفل يلي يده من جهة سفلها، ولو قدر من جعلها فوق بعضه بهذا الاعتبار، لم يكن هذا صفة نقص، بل صفة كمال.

وكذلك أمثال ذلك من إحاطة المخلوق ببعض المخلوقات، كإحاطة الإنسان بما في جوفه، وإحاطة البيت بما فيه، وإحاطة السماء فيها من الشمس والقمر والكواكب، فإذا كانت هذه المحيطات لا يجوز أن يقال: إنها تحت المحاط وإن ذلك نقص، مع كون المحيط يحيط به غيره - فالعلي الأعلى المحيط بكل شيء، الذي تكون الأرض جميعا قبضته يوم القيامة، والسموات مطويات بيمينه، كيف يجب أن يكون تحت شيء مما هو عال عليه أو محيط به، ويكون ذلك نقصا ممتنعا؟ " (٢) .

والخلاصة:

١- أن كون العالم كرة دليل على العلو، لأنه ليس هناك إلا علو مطلق أو سفل، وهو مركز الأرض، وهذا بالنسبة لجميع سكن الأرض، وإذا ثبت أن الله بائن من خلقه فهو في جهة العلو مطلقا.

٢- أن الأرض والسموات إذا كان الله يقبضها بيده، فتصور أن يكون تحت شيء منها تصور فاسد، لم يقدر صاحبه ربه حق قدره. فكل ما يفترضه


(١) درء التعارض (٦/٣٣٩) .
(٢) المصدر السابق (٦/٣٩-٣٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>