للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفترض من لزوم أن يكون الله محيطا بالمخلوقات، أو أنه فلك، أو غير ذلك من التصورات فهي إما تصورات فاسدة، كتصور أنه فلك أو أنه لا يلزم منها نقض ينافي مال ربوبية الله تعالى ككون الله تعالى محيطا بخلقه.

ولشيخ الإسلام في ذلك مناقشات مطلولة بين من خلالها أن ثبوت العلو الذي جاءت به النصوص وفطرت عليه العقول - لا يلزم منه شيء من هذه اللوازم التي ذكرها نفاته (١) .

ومن ذلك أن لقائل أن يقول: ما فائدة أن يتوجه الإنسان عند الدعاء إلى العلو، ولما لا يتجه إلى إحدى الجهات الأخرى من يمين أو شمال ما دامت نهايتها العلو نفسه؟ يقول شيخ الإسلام - بعد توضيحه لبعض الأمور: "وإذا كان مطلوب أحدهما ما فوق الفلك لم يطلبه إلا من الجهة العليا، لم يطلبه من جهة رجليه أو يمينه أو يساره لوجهين:

أحدهما: أن مطلوبه من الجهة العليا أقرب إليه من جميع الجهات، فلو قدر رجل أو ملك يصعد إلى السماء أو إلى ما فوق، كان صعوده مما يلي رأسه أقرب إذا أمكنه ذلك، ولا يقول عاقل: إنه يخرق الأرض ثم يصعد من تلك الناحية، ...

الوجه الثاني: أنه إذا قصد السفل بلا علو كان ينتهي قصده إلى المركز، وإن قصده أمامه أو وراءه أو يمينه أو يساره من غير قصد العلو كان منتهى قصده أجزاء الهواء، فلا بد له من قصد العلو ضرورة، سواء قصد مع ذلك هذه الجهات أو لم يقصدها، ولو فرض أنه قال: أقصده من اليمين مع العلو، أو من السفل مع العلو، كان هذا بمنزلة من يقول: أريد أن أحج من المغرب، فأذهب إلى خراسان ثم أذهب إلى مكة ... " (٢) .


(١) انظر: درء التعارض (٦/٣٢٦-٣٤٠) ، ونقض التأسيس - مطبوع - (٢/٢١١-٢٣٠) ، ورسالة في الهلال - مجموع الفتاوى - (٢٥/١٩٦-١٩٧) .
(٢) الرسالة العرشية، مجموع الفتاوى (٦/٥٦٨-٥٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>