للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاف في هاتين المسألتين: "الكلام" و"المتكلم" يوضح كيف وقع الخلاف في المسألة الأصل "مسألة كلام الله تعالى". التي وقع فيها خلاف عريض بين الطوائف.

ثانياً: الأقوال في "كلام الله":

الأقوال في كلام الله على وجه الإجمال ستة أو سبعة، وعلى وجه التفصيل عشرة أو تزيد، وأهم هذه الأقوال:

١- أن كلام الله ليس صفة قائمة به، ولا مخلوقا منفصلا عنه، بل هو ما يفيض على النفوس إما من العقل الفعال أو غيره، حسب نظريتهم في الخلق، حيث إنهم يزعمون أن الله لا تقوم به الصفات، وليس خالقا باختياره، وليس عالما بالجزيئات. وهذا قول الفلاسفة والصائبة ومن وافقهم. وهؤلاء ربما سموا هذا الفيض كلاما بلسان الحال، وربما قالوا: إن الله متكلم مجازا.

٢- قول من قد يوافق الفلاسفة في أن كلام الله هو ما يفيض على النفوس من العقل الفعال أو غيره، لكن يقولون إن هذا الفيض يكون للأنبياء والأولياء، ثم إذا غلب عليهم القول بالإتحاد ووحدة الوجود قالوا: كل كلام في الوجود هو كلام الله، سواء نثره ونظامه، حسنه وقبيحه - تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا - وهذا قول غلاة الصوفية وفلاسفتهم (١) .

٣- إن كلام الله مخلوق منفصل عنه، خلقه في غيره، وهذا قول المعتزلة والجهمية الذين ينفون أن تقوم بالله صفة من الصفات، لا حياة، ولا علم، ولا قدرة، ولا كلام.

٤- إن كلام الله معنى واحد قديم، قائم بذات الله أزلا وأبدا، هو الأمر بكر ما أمر الله به، والنهي عن كل ما نهي الله عنه، والخبر عن كل ما أخبر الله عنه، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا، وإن عبر عنه بالعبرية كان توراة،


(١) لم يفرد شيخ الإسلام مذهب الطائفة بقول مستقل، وإنما جعل مذهبهم مع مذهب الفلاسفة، وكأنه اعتبره حالة تمر على بعض غلاتهم، ولكنه أشار إلى مذهبهم بوضوح في مجموع الفتاوى (٦/٣١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>