للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصوص بالتفريق بن الإرادتين، فالكونية مثل قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء} (الأنعام: من الآية١٢٥) والثانية مثل قوله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (المائدة: من الآية٦) ، وغيره كثير (١) .

الثاني: أن احتجاج الرازي بإرادة الكائنات - وهي الإرادة الكونية - وأن الله قد يأمر بما لا يريد - معارض بأن النهي مستلزم لكراهة المنهي عنه، كما أن الأمر مستلزم لمحبة المأمور به، والمكروه لا يكون مرادا - شرعا -. والمنهي عنه إذا وقع - يعتوره أمران:

- أنه مراد إرادة كونية شاملة.

- وأنه غير مراد الإرادة الدينية، بل هو مكروه.

فالإرادة المنفية عن المكروه الواقع غير الإرادة اللازمة له، وكل منهي عنه وإن كان مرادا فهو مكروه والكراهة مستلزمة له، فإجابة الرازي بأن إرادة الكائنات فهيا ما هو منهي مردودة بأن ما كان منها منهيا عنه فهو مكروه، فزلمت الكراهية النهي وإن كان مرادا كونا وهذا يضعف احتجاجه بأن الله قد ينهي عما يريد. وقد أجاب الرازي بقوله: لا نسلم أنها مكروهة، بل هي منهي عنها. ولكن هذا الجواب مخالف لإجماع المسلمين بل لما علم بالضرورة من الدين، والله تعالى يقول: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً} (الاسراء:٣٨) (٢) .

الثالث: أن الرازي لما طولب بالفرق بين الطلب والإرادة ذكر وجهين ضعيفين، ذكرهما شيخ الإسلام وناقشهما (٣) .


(١) انظر: التسعينية (ص:١٥١) .
(٢) انظر: المصدر السابق (ص:١٥٢) .
(٣) انظر: المصدر نفسه (ص:١٥١-١٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>