للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومع ذلك فإن شيخ الإسلام قد ذكر أن تفريق الأشاعرة بني الخبر والعلم ليس عندهم فيه أي دليل صحيح، بخلاف تفريقهم بين الأمر والنهي وبين الإرادة، بأن الله قد يأمر بما لا يريد، مع ما في هذا الدليل مما سبق بيانه (١) .

وبما سبق من مناقشة أدلة الأشاعرة على الكلام النفسي، وما تلاه من اعترض عليهم بأنه لا فرق بين الخبر والعل، ولا بين الأمر والنهي والإرادة، ما داموا حصر الكلام بأنه ما قام بالنفس فقط، فصفتا العلم والإرادة تقومان مقامه.

ثالثاً: الرد عليهم في قولهم بقدم الكلام وأن الله لا يتكلم بمشيئته:

وهذا مبني - كما سبق - على نفيهم لقيام الصفات الاختيارية بالله، فقالوا بقدم الكلام ومنعوا أن يكون الله يتكلم إذا شاء متى شاء، ومذهب أهل السنة والجماعة إن الله لم يزل مت كلما إذا شاء، وأن كلام اله لآدم أو لموسى أو للملائكة، كل في وقت تكليمه ومناداته، أي أنه تعالى لم يناد موسى قبل خلقه ومجيئه عند الشجرة، وإن كانت صفة الكلام أزلية، وقد بنى أهل السنة مذهبهم على مقدمتين:

- على أن الأمور الاختيارية تقوم بالله.

- وعلى أن كلام الله لا نهاية له كما قال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً} (الكهف:١٠٩) وقوله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّه} (لقمان: من الآية٢٧) (٢) .

وقد ذكر السلف - توضيحا لمذهبهم، وتميزاً له عن مذهب الكلابية والأشعرية ومن اتبعهم - أن الله يوصف بالسكوت، وأنه إذ اشاء تكلم وإذا شاء سكت، وكان من أشهر ما وقع في ذلك قصة ابن خزيمة مع الكلابية


(١) انظر: التسعينية (ص:١٥٤-١٥٥) .
(٢) انظر: منهج السنة (٢/٩٨) ط مكتبة الرياض الحديثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>