للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وكان ممن اعتنق مذهبه بعض تلامذته - فجرت ذكرها الحاكم في تاريخ نيسابور، ونقلها وعلق عليها شيخ الإسلام (١) ، وأشار أبو إسماعيل الأنصاري إلى هذه القصة في مناقب أحمد بن حنبل، ومما قاله فيها: "وجاءت طائفة فقالت: لا يتكلم بعد ما تكلم، فيكون كلامه حادثا" (٢) ، ثم قال بعد ذكره لموقف أبي بكر بن خزيمة من هؤلاء: "فطار لتلك الفتنة ذلك الإمام أبو بكر، فلم يزل يصيح بتشويهها، ويصنف في ردها كأنه منذر جيش، حتى دون في الدفاتر، وتمكن في السرائر ولقن في الكتاتيب، ونقض في المحاريب: إن الله متكلم، إن شاء الله تكلم وإن شاء سكت، فجزى الله ذلك الإمام وأولئك النفر الغر عن نصرة دينه وتوفير نبيه خيرا" (٣) .

ويلاحظ التنصيص على ألفاظ واضحة البيان في مخالفة مذهب الكلابية والأشعرية، ومن ذلك قول ابن خزيمة - كما قصته مع الكلابية -: "الذي أقول به إن القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق، ومن قال: إن القرآن شيئاً منه، ومن (٤) وحيه وتنزيله مخلوق، أو يقول: إن الله لا يتكلم بعدما كان يتكلم به في الأزل ... فهو عندي جهمي يستتاب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه" (٥) .

وذكر عن ابن خزيمة أيضاً أنه قال: "زعم بعض جهلة هؤلاء الذين نبغوا في سنتنا هذه أن الله لا يكرر الكلام فهم لا يفهمون كتاب الله ... " (٦) .

ولهذا لما كان مذهب الأشاعرة نفي ما يقوم بالله من الصفات الاختيارية بناء على ني حلول الحوادث، ومن ثم منعوا أن يقال: إن الله يتكلم إذا شاء متى شاء كلاما قائما به، وإنه يتكلم شيئاً بعد شيء - أجابهم شيخ الإسلام بقوله:


(١) في درء التعارض (٢/٩-١٠، ٧٨-٨٣) ، ومجموع الفتاوى (٦/١٦٩-١٧٧) .
(٢) درء التعارض (٢/٧٦-٧٧) .
(٣) عن درء التعارض (٢/٧٧-٧٨) ، وشرح الأصفهانية (ص:٢٠٢-٢٠٣) ت السعوي.
(٤) كذا في درء التعارض وفي مجموع الفتاوى [وعن] .
(٥) درء التعارض (٢/٧٩) ، ومجموع الفتاوى (٦/١٧٠) .
(٦) نفس المصدر السابقين: درءا لتعارض (٢/٧٩) ، ومجموع الفتاوى (٦/١٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>