للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا من دقة السلف رحمهم الله في مسائل العقيدة، وخاصة ما يتعلق منها بالله وصفاته. حيث إنهم لا يبتدعون كلاما جديدا، بل يصفون الله بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولما لم يرد إطلاق أن القرآن بحرف وصوت لم يطلقوه عليه كما يفعله البعض، وإنما يقولون: القرآن كله حروفه ومعانيه كلام الله، كما يقولون إن الله نادى موسى، والنداء لا يكون إلا بصوت، والرسول - صلى الله عليه وسلم - ذكر أن الله ينادي بصوت (١) . ومن المعلوم أن الكلام إذا أطلق فإنه يشمل الحروف والمعاني وهذا هو الذي فهمه السلف من صفة الكلام لله تعالى - على ما يليق بجلاله وعظمته -.

ولكن لما وجد - في أهل البدع - من ينكر الحرف والصوت لينكروا كلام الله، بين السلف أن كلام الله شامل للحروف والمعاني، وأنه تعالى يتكلم بصوت، كما يصفونه بما ورد من التكليم والمناداة والمناجاة (٢) .

وقد وردت نصوص فيها ذكر الحرف في كلام الله، وهو القرآن، ومن ذلك حديث: "إن الله يأمرك أن تقرأ على أحرف" (٣) ، وحديث "أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته" (٤) ، وحديث "اقرأني جبريل على حرف ... " (٥) وحديث: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف (٦) وحديث: "من قرأ حرفا من كتاب الله ... " (٧) وغيرها.


(١) سبق تخريجه (ص:٥٨٥) .
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٦/٥١٨) .
(٣) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ورقمه (٨٢١) .
(٤) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل الفاتحة، ورقمه (٨٠٦) .
(٥) رواه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب نزل القرآن على سبعة أحرف، ورقمه (٤٩٩١) الفتح (٩/٢٣) .
(٦) رواه البخاري - بعد الحديث السابق مباشرة، ورقمه (٤٩٩٢) .
(٧) رواه الترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفاً من القرآن، ورقمه (٢٩١٠) - ت إبراهيم عطوة. وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>