للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا تبين بطلان هذه الأسس التي بنوا عليها مذهبهم، علم أن قولهم في القرآن مخالف لنصوص الكتاب والسنة وإجماع السلف والأئمة.

٢- أما احتجاجهم على أن القرآن من جبريل أو محمد بقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (الحاقة:٤٠) والرسول في آية الحاقة هو محمد - صلى الله عليه وسلم -، وفي آية التكوير هو جبريل عليه السلام - فهو احتجاج غريب، خاصة وأن النصوص الأخرى واضحة الدلالة في أنه منزل من عند الله وأنه كلام الله. وقد رد عليهم شيخ الإسلام في استدلالهم بما يلي:

أ - أنه: "أضافة إلى الرسول من البشر تارة، وإلى الرسول من الملائكة تارة، باسم "الرسول ولم يقل: إنه لقول ملك، ولا نبي؛ لأن لفظ الرسول يبين أنه مبلغ عن غيره، لا منشى له من عنده {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} (النور: من الآية٥٤) ، فكان قوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (الحاقة:٤٠) بمنزلة قوله: لتبليغ رسول، أو مبلغ من رسول كريم، أو جاء به رسول كريم، وليس معناه أنه أنشأه أو أحدثه أو أنشأ شيئاً منه وأحدثه رسول كريم، إذ لو كان منشئا لم يكن رسولا فيما أنشأه وابتدأه، وإنما يكون رسولا فيما بلغه وأداه، ومعلوم أن الضمير عائد إلى القرآن مطلقا" (١) .

ب- "وأيضاً فلو كان أحد الرسولين أنشأ حروفه ونظمه امتنع أن يكون الرسول الآخر هو المنشى المؤلف لها، فبطل أن تكون إضافته إلى الرسول لأجل إحداث لفظه ونظمه" (٢) .

ولو صح قول هؤلاء لجاز أن يقال إنه قول البشر، وهذا قول الوحيد الذي فضحه الله وأصلاه سقر، ولو قالوا: الوحيد جعل الجميع قول البشر، ونحن جعلنا الكلام العربي قول البشير، وأما معناه فهو كلام الله، فيقال لهم:


(١) مجموع الفتاوى (١٢/٢٦٥-٢٦٦) ، وانظر أيضاً: الكيلانية - مجموع الفتاوى - (١٢/٣٧٧-٣٧٨) .
(٢) المصدر السابق (١٢/٢٦٦) ، وانظر: المصدر نفسه (٢/٥٠، ١٢/٣٠٨) ، والكيلانية - مجموع الفتاوى (١٢/٣٧٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>