أحدهما: قولهم إن نصف القرآن من كلام الله، والنصف الآخر ليس كلام الله عندهم، أي أن المعنى كلام الله أما القرآن العربي فليس كلام الله، وإنما خلقه الله في الهواء أو في اللوح المحفوظ، أو أحدثه جبريل، أو محمد - صلى الله عليه وسلم - ومعنى ذلك أنهم في هذا النصف العربي موافقون لمذهب المعتزلة، لكن المعتزلة يقولون هو كلام الله، وهو مخلوق، وهؤلاء يقولون: هو مخلوق وليس كلام الله. وكل منهم وقع في البدعة.
والثاني: قولهم إن القرآن المنزل إلى الأرض ليس هو كلام الله، فما نزل به جبريل من المعنى واللفظ، وما بلغه محمد - صلى الله عليه وسلم - لأمته من المعنى واللفظ ليس هو كلام الله، لا حروفه ولا معانيه، بل هو مخلوق عندهم، وإنما يقولون: هو عبارة عن كلام الله القائم بالنفس، لأن العبارة لا تشبه المعبر عنه (١) .
هذه خلاصة مذهب الأشاعرة في القرآن، كما عرضها شيخ الإسلام، ولعل تصورها، مع ما سبق من مناقشات لأقوالهم في الكلام النفسي، وفي قولهم إنه معنى واحد - كاف في بيان بطلانها، ومع ذلك فقد رد عليهم شيخ الإسلام، ويمكن بيان مناقشته لهم من خلال ما يلي:
١- لا شك أن قول الأشاعرة في القرآن قد بنوه على أن الكلام عندهم معنى قائم بالنفس، قديم أزلي، لا يتعلق بمشيئة الله وقدرته، وأنه ليس بحرف ولا صوت، لذلك قالوا في هذا القرآن الذي يتلى إنه مخلوق، خلقه الله في الهواء أو في اللوح المحفوظ، أو إنه أحدثه جبريل أو محمد - صلى الله عليه وسلم -، وليس هو كلام الله. ولا شك أن الأساس الذي بنوا عليهم مذهبهم هذا باطل - كما سبق بيانه -:
- فالكلام هو اللفظ والمعنى، ولا يسمى كلاما ما دام قائما بالنفس.
- كما أن النصوص دلت على أن الله يتكلم بمشيئته وقدرته، وأن كلامه مثل فعله، وهذا ثابت لله وإن سماه هؤلاء حلولا.