للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن ابن كلاب كان يقول بأن القرآن حكاية عن كلام الله، فلما جاء الأشعري زاد فيه قليلا وقال: لا يجوز أن يقال إنه حكاية، لأن الحكاية قد تكون مطابقة للمحكي، كما يقال: حكى فلان الكلام بلفظه وهذا يناسب قول المعتزلة. والقرآن العربي ليس مطابقا لكلام الله القائم بنفسه، ومن ثم فالأولى عنده - أي عند الأشعري - أن يقال: هو عبارة عن كلام الله، لأن الكلام ليس من جنس العبارة (١) .

ويلاحظ مما سبق تطور أقوال الكلابية والأشعرية في القرآن:

- فالأولون كانوا يحترمونه، ثم خف احترامهم له إلى حد الامتهان، عند بعضهم.

- والأولون كانوا يطلقون أن القرآن كلام الله، وأنه مخلوق خلقه الله في الهواء أو في الجسم، فجاء المتأخرون ليقولوا - صراحة - هو كلام جبريل أو محمد.

- كما أن التطور من التعبير بالحكاية إلى العبارة، فيه ما فيه، وإن كان كل منهما باطلا.

والذي استقر عليه المذهب الأشعري، وقال به جمهورهم أن القرآن العربي مخلوق، وليس هو كلام الله - مع اختلاف فيما بينهم في بعض التفاصيل (٢) - وهم قالوا هذا بناء على مذهبهم في الكلام النفسي الذي يقوم بالله ولا ينفصل عنه، بل هو - على زعمهم - لازم له أزلا وأبدا.

والأشاعرة - مع قولهم بالكلام النفسي - وإن كانوا يوافقون أهل السنة في الرد على المعتزلة، إلا أنهم يخالفون مذهب السلف - في مسألة القرآن - في أمرين مهمين:


(١) انظر: مجموع الفتاوى (١٢/٢٧٢) ، والتسعينية (ص:٨٧، ٢٣٧-٢٣٨، ٢٦٦) ، ودرء التعارض (٢/١٠٧) .
(٢) انظر: جواب أهل العلم والإيمان - مجموع الفتاوى - (١٧/٦٩-٧٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>