للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- والحجة الثانية للأشعرة على نفي الحكمة والتعليل هي حجة الكمال والنقصان، ومعناها - عندهم - أن الله "لو خلق الخلق لعلة لكان ناقصا بدونهها مستكملا بها، فإنه إما أن يكون وجود تلك العلة وعدما بالنسبة إليه سوءا، أو يكون وجودها أولى به، فإن كا الأول امتنع أن يفعل لأجلها، وإن كان الثاني ثبت أن وجودهاأولى به، فيكون مستكملا بها، فيكون قبلها ناقصا" (١) . وهذه الحجة أصلها مبني على نفي حلول الحوادث.

وقد سبق مناقشة هذه الحجة في مسألة الصفات، عند مناقشة الصفات الاختيارية القائمة بالله التي يسميها الأشاعرة وغيرهم حلول الحوادث.

وقد ناقش شيخ الإسلام هذه الحجة هنا - في مبحث التعليل - من وجوه:

١- "أن هذا منقوض بنفس ما يفعله من المفعولات، فما كان جوابا في المفعولات، كان جوابا عن هذا، ونحن لانعقل في الشاهد فاعلا إلا مستكملا بفعله" (٢) .

٢- أن قولهم "مستكمل بغيره" باطل، لأن هذا إنما حصل بقدرته ومشيئته، لا شريك له في ذلك، فلم يكن في ذلك محتاجا إلى غيره وإذا قيل: كمل بفعله الذي لا يحتاج فيه إلى غيره، كان كما لو قيل كمل بصفاته، وبذاته" (٣) .

٣- "أن العقل الصرحي يعلم أن من فعل فعلا لا لحكمة، فهول أولىبالنقص ممن فعل لحكمة كانت معدومة، ثم صارت موجودة في الوقت الذي أحب كونها، فكيف يجوز أن يقال: فعله لحكمة يستلزم النقص، وفعله لا لحكمة لا نقص فيه" (٤) .


(١) مجموع الفتاوى (٨/١٨٣) ، وانظر الأربعين للرازي (ص:١٤٩-١٥٠) .
(٢) مجموع الفتاوى (٨/١٤٦) ، وانظر: شرح الأصفهانية (ص:٣٦٠) ت السعوي.
(٣) مجموع الفتاوى (٨/١٤٦) .
(٤) شرح الأصفهانية (ص:٣٦٢) ت السعوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>