للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رد شيخ الإسلام على هذه الحجة من وجوه:

١- يقال لهم في الكمة ما يقولونه هم في "الفعل"، وذلك بأن يقال لهم: "لا يخلو إما أن يكون الفعل قديم العين أو قديم النوع، أو لا يمكن ذلك. فإن جاز أن يكون قديم العين أو قديم النوع، جاز في الحكمة التي يكون الفعل لأجلها أن تكون قيدمة العين أو قديمة النوع" (١) .ويلاحظ هنا أن القول بأن الفعل قديم "العين" هو قول الفلاسفة، ومعلوم أن الفلاسفة نفاة للحكمة - فهم موافقون للأشاعرة في هذا - فهذا الإلزام صالح لهم. ومن قال هذا ممتنع - أي قدم العين أو النوع في العقل - قيل وكذلك الحكمة يمتنع تسلسلها.

"وإن لم يمكن أن يكون الفعل لا قديم العين ولا قديم النوع، فيقال إذا كان فعله حادث العين والنوع، كانت حكمته كذلك" (٢) .

فتبين أن معنى كونه تعالى يفعل لحكمة "أنه يفعل مرادا لمراد آخر يحبه، فإذا كان الثاني محبوبا لنفسه، لم يجب أن يكون الأول كذلك، ولا يجب في هذا تسلسل" (٣) .

٢- يقال لهم في الحكمة ما يقال في الأسباب، فإذا كان تعالى خلق شيئاً بسبب، وخلق السبب بسبب آخر حتى ينتهي إلى أسباب لا أسباب فوقها فكذلك خلق لحكمة والحكمة لحكمة حتى ينتهي إلى حكمة لا حكمة فوقها (٤) .

٣- أن هذا التسلسل الذي يدعونه إنما هو تسلسل في الحوادث المستقبلة لا في الحوادث الماضية، فإنه إذا فعل فعلا لحكمة كانت الحكمة حاصلة بعد الفعل - والتسلسل في المستقبل جائز عند جماهير المسلمين وغيرهم، والجنة أكلها دائم (٥) .


(١) شرح الأصفهانية (ص:٣٦٣-٣٦٤) ت السعوي.
(٢) المصدر السابق (ص:٣٦٤) .
(٣) المصدر نفسه، ونفس الصفحة.
(٤) انظر: المصدر نفسه (ص:٣٦٥) .
(٥) انظر: المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>