للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويثنوا عليه ويمجدوه، فهذه حكمة مقصودة واقعة، بخلاف قول المعتزلة فإنهم أثبتوا حكمة هي نفع العباد. وهذا قول الكرامية الذين يقولون: من وجد منه ذلك فهو مخلوق له وهم المؤمنون، ومن لم يوجد منه ذلك فليس مخوقه له (١) .

٥- قول أهل السنة وجمهور السلف وهو أن الله حكمة في كل ما خلق، بل له في ذلك حكمة ورحمة - كما سبق بيانه في بداية هذه المسألة.

هذه خلاصة الأقوال في هذه المسألة، ويلاحظ أنها تنتهي إلى قولين أحدهما: نفاة الحكمة، وهو قول الأشاعرة ومن وافقهم.

والثاني: قول الجمهور الذين يثبتون الحكمة. وهؤلاء على أقوال: أشهرها قول المعتزلة الذين يثبتون حكمة تعود إلى العباد ولا تعود إلى الرب، وقول جمهور السلف الذين يثبتون حكمة تعود إلى الرب تعالى (٢) .

ويلاحظ أن من نفي الحكمة والتعليل - كالأشاعرة - دفعه إلى ذلك إلى الميل إلى الجبر وإثبات الكسب القدرة غير المؤثرة للعبد. ومن أثبت حكمة تعود إلى العباد، جعلوا هذه الحكمة لا تتم إلا بأن يكون العباد هم الخالقين لأفعالهم وهذا قول المعتزلة.

أما أهل السنة فلم يلزمهم لازم من هذه اللوازم الباطلة، ولذلك جاء مذهبهم وسطا في باب القدر - كما سيأتي أن شاء الله -.

والأشاعرة الذين نفوا الحكمة والتعليل، احتجوا على مذهبهم بعدة حجج أهمها:

?- أن ذلك يستلزم التسلسل، فإنه إذا فعل لعلة، فتلك العلة أيضا حادثة فتفتقر إلىعلة، وهكذا إلى غير نهاية وهو باطل.


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٨/٣٩) .
(٢) انظر: أقوم ما قيل في القضاء والقدر - مجموع الفتاوى (٨/٨٣-٩٣، ٩٧-٩٨) ، منهاج السنة (١/٩٧-٩٨) ط دار العروبة المحققة، والاستغاثة (ص:٢/٢٧) ، جواب أهل العلم والإيمان - مجموع الفتاوى - (١٧/١٩٨-٢٠٣) ، درء التعارض (٨/٥٤) ، مجموع الفتاوى (٨/٣٧٧-٣٨١) ، ومنهاج السنة (١/٩٤-٩٥) ط دار العروبة المحققة.

<<  <  ج: ص:  >  >>