للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه لا ينقص من حسناته فلا يجازي بها أو ببعضها، وهذا هو الظلم الذي نفي الله خوفه عن العبد بقوله: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} (طه:١١٢) ، قال المفسرون لا يخاف أن يحمل عليه من سيئات غيره ولا ينقص من حسناته، وقيل: يظلم بأن يؤاخذ بما لم يعمل (١) .

والله تعالى قادر على الظلم، ولكنه تعالى نزه نفسه عنه، وحرمه على نفسه، كما ورد في ذلك الأدلة الكثيرة، وأشهرها حديث أبي ذر: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم مكرما فلا ظالموا" (٢) . وغيره.

ويلاحظ أن الأشاعرة جاء تفسيرهم للظلم مواكبا لمذهبهم في القدر، فهم لميلهم إلى مذهب الجبرية، إذا قيل لهم إن قولكم إن للعبد قدة غير مؤثرة، نتيجته الجبر، فكيف يعذب الله العباد على ما جبرهم عليه، هذا ظلم، قالوا ليس هذا ظلماً لأن الظلم هو التصرف في ملك الغير أو مخالفة الآمر الذي تجب طاعته، وهذا منتفق بالنسبة لله.

ولا شك أن هذا التفسير للظلم مخالف للمعروف من لغة العرب، ولما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة التي ورد فيها هذا اللفظ، كما أن قولهم بأن الظلم ممتنع عليه ليسه فيه مدح ولا كمال، وإنما المدح والكمال أن يقال: إن الله سبحانه منزه عنه، لا يفعله لعدله، والمدح إنما يكون بترك المقدور عليه، لا بترك الممتنع (٣) .

خامساً: تكليف ما لا يطاق:

الطاقة هي الإستطاعة، والخلاف بين الطوائف قائم حول تحديد المقصود با لا يطاق، هل هو الممتنع عادة، أو المستحيل كالجمع بين الضدين، أو هو كتكليف الكافر وهو لا يؤمن.


(١) انظر: زاد المسير - سورة ط آية: ١١٢- شرحح الطحاوية (ص:٥٠) ط المكتب الإسلامي، ومنهاج السنة (١/٩٠-٩٢) . ط دار العروبة المحققة.
(٢) سبق تخريجه (ص:٧٢٨) .
(٣) انظر: في مسألة الظلم والأقوال فيه: جامع الرسائل (١/٢٧-١٢٩) ، والجواب الصحيح، (١/٢١٩) ، النبوات (ص:١٤٣) - ط دار الكتب العلمية، منهاج السنة (١/٣١٨) ط دار العروبة المحققة، (١/٣٦١) - مكتبة الرياض الحديثة، (٣/٢٣-٢٦) - ط بولاق، مجموع الفتاوى (٨/٥٠٥-٥١٠، ١١/٦٧٥-٦٧٦) ، درء التعارض (١٠/٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>