للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشيخ الإسلام يبين أن هذا الخلاف ناتج عن عدم التفريق بين أمرين متعلقين بالنزاع في هذه المسألة:

١- ما يرجع إلى الفعل المأمور به، وهذا فيما يتعلق بالقضاء والقدر.

٢- وما يرجع إلى جواز الأمر بالشيء، وهذا فيما يتعلق بمسائل الأمر والنهي.

والذين خلطوا بين هذين القسمين وقعوا في المحذور، مثل قياس بعضهم أمر الله الكافر بالإيمان مع علمه تعالى أنه لا يفعل، بمسألة العاجز الذي لو أراد الفعل لم يقدر عليه، وجعلهم القسمين قسما واحداً وأنه تكليف بما لا يطاق.

فهذا جمع مخالف لما يعلم بالإضطرار من الفرق بينهما، وهو من مثارات الأهواء بين القدرية والجبرية (١) .

ولذى يرى شيرخ الإسلام أن إطلاق القول بتكليف ما لا يطاق من البدع الحادثة في الإسلام (٢) .

وقد وقع الخلاف في تكليف ما لا يطاق على أقوال:

١- جواز تكليف ما لا يطاق، ومنه تكليف الأعمى البصر، والزمن أن يسير إلى مكة. وهذا قول جهم بين صفوان (٣) .

٢- عدم جواز تكليف ما لا يطاق، وقد معونه لقبحه عقلا، وهذا مبني على مذهبهم في أن القدرة تكون قبل الفعل فقط، حتى يتحقق التكليف، ومن ثم يترتب عليه الثواب والعقاب، ولذلك منعوا أن تكون القدرة مقارنة لمقدورها، لأن معنى ذلك أن يكون تكليف الكافر بالإيمان تكليفاً بما لا يطاق؛ إذ لو أطاقه لوقع منه، فلما يقع منه دلي على أنه غير قادر عليه، وتكليف ما لا يطاق قبيح، وهذا قول المعتزلة ومن وافقهم (٤) .


(١) انظر: درء التعارض (١/٦٤-٦٥) .
(٢) انظر: المصدر السابق (١/٦٥) .
(٣) انظر: مجموع الفتاوى (٨/٢٩٧) .
(٤) انظر: شر ح الأصول الخمسة (ص:٣٩٦) ، والمختصر في أصول الدين لعبد الجبار الهمذاني (ص:٢١٨) ، ونظرية التكليف، عبد الكريم عثمان (ص:٣٠١) ، وشرح المواقف (ص:٣٣١) - الجزء المحقق.

<<  <  ج: ص:  >  >>