للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأشاعرة هذا قريب من قول الجهم الذي يصرح بالجبر (١) .

٢- أما زعمهم بأنهم يفرقون بين الكسب الذي أثبتوه وبين الخلق بأن الكسب: عبارة عن اقتران المقدور بالقدرة الحادثة، والخلق هو المقدور بالقدرة القديمة، وقولهم أيضاً: الكسب هو الفعل القائم بمحل القدرة عليه، والخلق هو الفعل الخارج عن محل القدرة عليه، وزعمهم أن هذا يبعد قولهم عن قول الجهم الذي يقول بالجبر المحض (٢) أما مزاعمهم هذه فمردودة بما يلي:

أأن قولهم هذا "لا يوجب فرقاً بين كون العبد كسب، وبين كونه فعل، وأوجد، وأحدث، وصنع، وعمل، ونحو ذلك، فإن فعله وإحداثه وعمله وصنعه هو أيضاً مقدور بالقدرة الحادثة، وهو قائم في محل القدرة الحادثة" (٣) .

ب "وأيضاً فإنه لا فرق لا حقيقة له، فإن كون المقدور في محل القدرة أو خارجاً عن محلها لا يعود إلى نفس تأثير القدرة فيه، وهو مبني على أصلين: أن الله لا يقدر على فعل يقوم بنفسه، وأن خلقه للعالم هو نفس العالم، وأكثر العقلاء من المسلمين وغيرهم على خلاف ذلك، والثاني أن قدرة العبد لا يكون مقدورها إلا في كل وجودها، ولا يكون شيء من مقدورها خارجا عن محلها. وفي ذلك نزاع طويل" (٤) .

فالأشاعرة بنوا أقوالهم في الكسب وقدرة العبد على أصول غير مسلمة.


(١) انظر في مناقشة شيخ الإسلام لمسألة الكسب وإنه لا حقيقة له، وإنه كطفرة النظام وأحوال أبي هاشم، والرد عليهم في مسألة القدرة الحادثة: الصفدية (١/١٤٩-١٥٣) ، والنبوات (ص:١٩٩) - ط دار الكتب العلمية -، ومجموع الفتاوى (٨/٣٨٧، ٤٠٣-٤٠٧، ٤٦٧-٤٦٨) ، وشرح الأصفهانية (ص:١٤٩-١٥٠، ٣٥٠) ت السعوي، والاستغاثة (٢/١٧٣) ، ومنهاج السنة (١/٣٢٣) ط دار العروبة المحققة (١/٣٥٨، ٢/٥١) ، مكتبة الرياض الحديثة، أقوم ما قيل في القضاء والقدر - مجموع الفتاوى - (٨/١٢٨، ١٣٦-١٣٧) ، درء التعارض (١/٨٢-٨٤، ٤/٦٥، ٦/٤٩، ٧/٢٤٧-٢٤٨، ٩/١٦٧، ١٠/١١٤-١١٥) .
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٨/١١٨-١١٩) .
(٣) المصدر السابق (٨/١١٩) .
(٤) المصدر نفسه، نفس الجزء والصفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>