للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خ - قول من يقول: إنه منقول (١) .

فكل واحد من هذه الأقوال مشتمل على الرد على قول هؤلاء أن الإيمان هو التصديق فقط، وهي - سوى الأول (٢) - لا تنازع في أن من معاني الإيمان التصديق، أو أن معناه في اللغة هو التصديق، ثم إن الشارع جعله تصديقاً بأمور معينة، وزاد عليه أمورا أخرى، كصلاة فإن معناها في اللغة الدعاء، وفي الشرع هذه الصلاة المعروفة المحددة بالأقوال والأفعال والأوقات. فهلا قال هؤلاء المرجئة في الصلاة مثل قولهم في الإيمان، فجعلوا مطلق الدعاء كاف في الإتيان بها، كما قالوا في الإيمان هو التصديق وهو كاف في حصول الإيمان؟.

أما الرد التفصيلي: على أقوال الأشاعرة وحججهم كما عرضها الباقلاني فقد رد عليها شيخ الإسلام من أوجه عديدة، جاءت كما يلي:

١- نقض دعواهم الإجماع على أن الإيمان في اللغة قبل نزول القرآن هو التصديق، وذلك بمطالبتهم بأن يذكروا من نقل هذا الإجماع، وفي أي كتاب ذكر، ثم من المقصود بأهل اللغة؟ هل المقصود نقلتها كأبي عمرو والأصمعي، والخليل ونحوهم، أو المتكلمون بها؟ أما علماء اللغة فهؤلاء لا ينقلون كل ما كان قبل الإسلام بإسناد، وإنما ينقلون ما سمعوه من العرب في زمانهم، أو ما سمعوه في دواوين الشعر وكلام العرب بالإسناد، ولا نعلم فيما نقلوه لفظ الإيمان، فضلا عن أن يكونوا أجمعوا عليه.

أما إن كان المقصود بأهل اللغة أنفسهم فهؤلاء لم ينقل عنهم ذلك.

ثم لو فرض أنه نقل عن واحد أو اثنين أن الإيمان التصديق فكيف بعد هذا إجماعاً؟ ثم إن العرب لا يقولون: معنى الإيمان كذا، ولو فرض أنه نقل في الكلام المسموع عن العرب ما يدل على أنهم قصدوا بالإيمان التصديق فليس ذلك بأبلغ من نقل المسلمين كافة للقرآن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣) .


(١) الإيمان (ص:١١٦-١١٧) ط المكتب الإسلامي.
(٢) يرى أصحاب هذا القول أن الإيمان مأخوذ من الأمن. انظر: الإيمان (ص:١٢١) .
(٣) انظر: الإيمان (ص:١١٧-١١٩) ط المكتب الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>