للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمطلق المفسر كقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} (لأنفال: من الآية٢) وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} (الحجرات:١٥) ، وقوله: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (النساء:٦٥) وأمثال هذه الآيات "وكل إيمان مطلق في القرآن فقد بين فيه أنه لا يكون الرجل مؤمنا إلا بالعمل مع التصديق، فقد بين في القرآن أن الإيمان لا بد فيه من عمل مع التصديق، كما ذكر ذلك في اسم الصلاة والزكاة والصيام والحج" (١) .

وقد أورد شيخ الإسلام هنا اعتراضا - ذكره القاضي أبو يعلي وغيره - يزعم فيه أن هناك فرقاً بين هذه العبادات - التي هي الصلاة والزكاة والصيام والحج - وبين الإيمان، بأن هذه الأسماء باقية، ولكن ضم إلى المسمى أعمال في الحكم لا في الاسم أي أن اسم الصلاة - مثلا - باق أن المقصود به الدعاء، ولكن ضم إليه أعمال في حكم الصلاة لا في اسمها، وبهذا تكون قد فارقت الإيمان. ولن شيخ الإسلام يجيب بأن هذا إن كان صحيحاً في الصلاة وغيرها فيقال مثله في الإيمان، حيث وردت النصوص بضم العمل إليه. أما من زعم أن القرآن لم يذكر فيه العمل - ليفرق بين الإيمان والصلاة - فليس كما زعم، "بل القرآن والسنة مملوءان بما يدل على أن الرجل لا يثبت له حكم الإيمان إلا بالعمل مع التصديق، وهذا في القرآن أكثر بكثير من معنى الصلاة والزكاة، فإن تلك إنما فسرتها السنة، والإيمان بين معناه الكتاب والسنة وإجماع السلف" (٢) .

والخلاصة أن الإيمان كالصلاة، قد يكون له أصل في اللغة، ولكن الشارع أضاف إليه أموراً من أعمال القلوب واللسان والجوارح، وإذا كان في أعمال الصلاة ما تبطل الصلاة يتركه، وفيها ما تنقص الصلاة بتركه فكذلك الإيمان في شعبه. وهذا واضح.


(١) الإيمان (_ص:١٢٢) .
(٢) المصدر السابق، الصفحة نفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>