للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معجزة الأنبياء؟ (١) .

ومعلوم أن آيات الأنبياء الدالة على نبوتهم "هي التي تعلم أنها مختصة بالأنبياء، وأنها مستلزمة لصدقهم، ولا تكون إلا مع صدقهم، وهي لا بد أن تكون خارقة للعادة، خارجة عن قدرة الإنس والجن، ولا يمكن أحد أن يعارضها. لكن كونها خارقة للعادة، ولا تمكن معارضتها هو من لوازمها، ليس هو حدا مطابقا لها، والعلم بأنها مستلزمة لصدقهم قد يكون ضروريا كانشقاق القرم، وجعل العصا حية وخروج الناقة، فمجر العلم بهذه الآيات يوجب علما ضروريا بأن الله جعلها آية لصدق هذا الذي استدل بها ... وقد تكون الآيات على جنس الصدق، وهو صدق صاحبها، فيلزم صدقه إذا قال: أن نبي، ولكن يمتنع أن يكون لكاذب" (٢) .

٤- أنهم لم يفرقوا بين المعجزات والسحر، بل جعلوا الفرق فقط هو تحدي الرسول بالإتيان بمثله، قالوا ولو احتج الساحر بسحره وادعي به النبوة أبطله الله بوجهين: أحدهما: أن ينسبه عمل السحر، والثاني: أن تمكن معارضته. ولما طولب الباقلاني بالفرق بين السحر والمعجزات التي للأنبياء عول على أن المعجز لا يكون معجزا حتى يكون واقعا من فعل الله، على وجه خارق للعادة، مع تحدي الرسول بالإتيان بمثله (٣) .

وقد ناقش شيخ الإسلام هذا الكلام ورد عليه من وجوه عديدة منها:

أ - أن كون آيات الأنبياء مساوية في الحد والحقيقة لسحر السحرة معلوم الفساد بالإضطرار من دين الرسل.

ب - أن في هذا قدحا في الأنبياء حيث جعلت آياتهم من جنس السحر والكهانة.

ت - أنه على تقديم قولهم: يمكن للساحر أن يدعي النبوة، وما ذكر


(١) انظر: النبوات (ص:٢٨٢-٢٨٣) ط دار الكتب العلمية.
(٢) النبوت (ص:٢٨٣) ، وانظر أيضاً (ص:٢٩٧-٢٩٨، ٣١٥-٣١٦، ٣٢٠) وما بعدها.
(٣) انظر: النبوات (ص:٤٧-٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>