للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢-- محنته ومناظرته حول " الواسطية ":

وبداية هذه المحنة في يوم الاثنين ٨ رجب سنة ٧٠٥ هـ حين ورد مرسوم من السلطان في مصر إلى نائب الشام أن يسأل الشيخ عن عقيدته، فجمع النائب القضاة والفقهاء وابن تيمية- وهم لا يدرون لماذا جمعوا- فقال النائب: هذا المجلس عقد لك لمساءلتك عن عقيدتك، يقول ابن تيمية: " فقلت: أما الاعتقاد فلا يؤخذ عني، ولا عمن هو أكبر مني، بل يؤخذ عن الله ورسوله، وما أجمع عليه سلف الأمة، فما كان في القرآن وجب اعتقاده، وكذلك ما ثبت في الأحاديث الصحيحة مثل صحيح البخاري ومسلم. وأما الكتب فما كتبت إلى أحد كتابا ابتداء أدعوه به إلى شيء من ذلك، ولكنني كتبت أجوبة أجبت بها من يسألني من أهل الديار المصرية وغيرهم. وكان قد بلغني أنه زور على كتاب إلى الأمير ركن الدين الجاشنكير (١) - أستاذ دار السلطان- يتضمن ذكر عقيدة محرفة، ولم أعلم بحقيقته، لكن علمت أن هذا مكذوب، وكان يرد علي من مصر وغرها من يسألني مسائل في الاعتقاد أو غيره، فأجبته بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة " (٢) ثم طلبوا منه أن يملي عقيدته فأملاها، ثم قال للأمر والحاضرين: " أنا أعلم أن أقواما يكذبون علي كما قد كذبوا علي مرة (٣) ،

وإن أمليت الاعتقاد من حفظي ربما يقولون: كتم بعضه، أو داهن


(١) هو: بيبرس البرجي الجاشنكو، تسلطن سنة ٧٠٨ هـ، كان يعتقد في نصر المنبجي ولذلك آذوا ابن تيمية زمن سلطنته. وقتل سنة ٧٠٩ هـ لما رجع الناصر الى السلطنة، انظر البداية والنهاية (١٤/٥٥) ، والدرر الكامنة (٢/٣٦) ، والنجوم الزاهرة (٨/ ٢٣٢) ، والمنهل الصافي (٣/٤٦٧) .
(٢) العقود (ص: ٢٠٧-٢٠٨) .
(٣) قضية الكذب على ابن تيمية والتزوير عليه أمر مشهور حتى قبل: أنه رجع إلى عقيدة الأشاعرة وأنه كتب ذلك بخطه. وكل ذلك كذب- وليس العجب أن يقع الكذب عليه وإنما العجب أن يقوم مؤرخ ثقة فاضل- كابن حجر العسقلاني- فينقل ترجمته في الدرر الكامنة (١/١٥٤) ترجمة مطولة لابن تيمية وينقل عن غيره ويذكر هذه الأمور- التى هي في الحقيقة كذب عليهـ ثم يسكت عنها..ومن نماذج الكذب على ابن تيمية: أنه في سنة: ٧٠٢ هـ وقع في يد نائب السلطنة كتاب مزور فيه أن ابن تيمية وجماعة يناصحون التتر ويكاتبوهم، ثم فضح المزورون ووجد معهم مسودة الكتاب وعوقبوا. البداية والنهاية (١٤/٢٢) ، وكذلك وقع الكذب عليه أنه رجع عن عقيدته.=

<<  <  ج: ص:  >  >>