للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء الأمر من السلطان بالمنع من الفتوى فيها، وأمر بعقد مجلس في ذلك فعقد يوم الاثنين ثالث الشهر المذكور، والفصل على ما أمر به السلطان ونودي بذلك في البلد من الغد.

ثم إن ابن تيمية عاد إلى الإفتاء بذلك وقال لا يسعني كتمان العلم، فلما كان يوم الثلاثاء ٢٩ رمضان سنة ٧١٩ هـ جمع القضاة وقرئ كتاب السلطان وفيه فصل يتعلق بالشيخ ابن تيمية بسبب الفتوى وأحضر وعوتب على فتياه، واكد عليه في المنع من ذلك، ولكن الشيخ لم يمتنع بل عاد إلى الإفتاء بذلك. فلما كان يوم ٢٢ رجب سنة ٧٢٠ هـ عقد مجلس بدار السعادة حضره النائب والقضاة وجماعة من المفتين وحضر الشيخ وعاودوه في الافتاء وعاتبوه، وحكموا بحبسه في القلعة فبقي فيها خمسة أشهر وثمانية عشر يوما، ثم ورد مرسوم السلطان بإخراجه فأخرج منها يوم الاثنين- يوم عاشوراء- سنة ٧٢١ هـ (١) . ثم تفرغ للعلم والتدريس والإفتاء.

٧- محنته بسبب فتواه في " شد الرحال إلى القبور ":

وهذه المحنة من أعظم المحن التى مرت على الشيخ وعلى أتباعه والذي يبدو أن أعداء الشيخ والحاقدين عليه والحاسدين له لم يجدوا في مسألة الطلاق- كل ما يأملونهـ وإن كان قد سجن بسببها الشيخ ابن تيمية، فصاروا يبحثون وسيلة وقضية أخرى يدخلون من خلالها على إيذاء شيخ الاسلام وأتباعه، فعثروا على فتوى لهـ منذ سبع عشرة سنة- حول شد الرحال وإعمال المطي إلى قبور الأنبياء والصالحين، ومنها قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت الفتوى تتضمن ذكر القولين الواردين وترجيح أحدهما- وهو التحريم- مع الأدلة على ذلك. ففرحوا بذلك وكثر الكلام حولها، واشتد الأمر، يقول ابن عبد الهادى:

" وكان للشيخ في هذه المسألة كلام متقدم أقدم من الجواب المذكور بكثير ذكره


(١) انظر: العقود (ص:٣٢٥-٣٢٧) ، والبداية والنهاية (١٤/٨٧، ٩٧-٩٨) ، والكو اكب (١٤٦-١٤٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>