للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه أهم إطلاقات السنة عند العلماء (١) ، والذي يهمنا هنا اصطلاح " السنة " حينما يقال: " أهل السنة " في مجال العقائد، خاصة لما حدث الافتراق في الأمة الإسلامية. يقول ابن رجب: " وعن سفيان الثوري قال: " استوصوا بأهل السنة خيرا فإنهم غرباء " (٢) ، ومراد هؤلاء الأئمة بالسنة طريقة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي كان عليها هو وأصحابه، السالمة من الشبهات والشهوات، ولهذا كان الفضيل بن عياض يقول: " أهل السنة من عرف ما يدخل في بطنه من حلال " (٣) ، وذلك لأن أكل الحلال من أعظم خصال السنة التى كان عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضى الله عنهم. ثم صار في عرف كثير من العلماء المتأخرين من أهل الحديث وغيرهم: السنة عبارة عما سلم من الشبهات في الاعتقادات خاصة في مسائل الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وكذلك في مسائل القدر، وفضائل الصحابة، وصنفوا في هذا العلم تصانيف وسموها كتب السنة، وإنما خصوا هذا العلم باسم السنة لأن خطره عظيم، والمخالف فيه على شفا هلكة، وأما السنة الكاملة فهي الطريقة السالمة من الشبهات والشهوات " (٤) .

وهذا الذي ذكره ابن رجب-رحمه الله- استقر عليه مصطلح أهل السنة، ولذلك لما وصل السمعافي في الأنساب إلى ذكر من نسب إلى السنة فقيل: " السني " قال: " السني: بضم السين المهملة، وتشديد النون المكسورة، هذه النسبة إلى السنة التي هي ضد البدعة، ولما كثر أهل البدع


(١) يطلق لفظ: " أهل السنة " في مقابل الرافضة، كما أن الرافضة يعنون به من عداهم، يقول ابن تيمية في منهاج السنة (٢/١٦٣) ، المحققة: " فلفظ أهل السنة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة، فبدخل في ذلك جميع الطواثف إلا الرافضة وقد يراد به أهل الحديث والسنة المحضة فلا يدخل فيه الا من يثبت الصفات لله تعالى.... وهذا الرافضي- يعني المصنف- جعل أهل السنة بالاصطلاح الأول وهو اصطلاح العامة: كل من ليس يرافضي قالوا: هو من أهل السنة".
(٢) رواه اللالكائي في شرح السنة رتم (٤٩) .
(٣) رواه بلفظ مقارب اللالكائي في شرح السنة رقم (٥١) ، وأبو نعيم في الحلية (٨/١٠٤) .
(٤) كشف الكربة (ص: ١٩-. ٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>