للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأول: فقد كانت لشيخ الإسلام جهود عظيمة فيه لفتت انتباه من أتى بعده من الموافقين والخالفين له، حتى أصبحوا يعتبرون موقفه موقفا متميزا يؤرخون فيه مرحلة من مراحل نظرة المسلمين إلى الفلسفة، والمنطق بشكل خاص (١) . ولن ندخل في هذا الموضوع ولكن نشير إشارات مجملة إلى نقده لتلك المناهج:

أ- فقد نقض أصول الفلسفة وأهدافها العليا، ورد على المناطقة الذين يزعمون أن فلسفتهم وبراهينهم توصل إلى العلوم الكمالية، وقد بين شيخ الاسلام أن كمال النفس إنما يكون بالايمان بالله والعمل الصالح، أما علومهم هذه فإنها لا تفيد- إن أفادت- إلا أمورا كلية لا حقيقة لها ولا ثمرة (٢) ، ولذلك قال شيخ الإسلام عن علومهم هذه: إنها " لحم جمل غث، على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقي " (٣) ، وقال عن المنطق اليوناني: " لا يحتاج إليه الذكي ولا ينتفع به البليد " (٤) ، بل بين حكم تعلم المنطق وبين بطلان من قال بوجوبه وأنه فرض كفاية مثل اللغة العربية، كما بين أن الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين لم يعرفوه (٥) ، بل بين لماذا اشتهر عند المسلمين أنه يجر إلى الإلحاد والزندقة (٦) .

٢- لما كان المنطق اليوناني يزعم أصحابه أنه آلة قانونية تعصم الذهن من أن يزل فكره، نقض هذا المنطق وكتب فيه كتابا مستقلا مرتبا ومبوبا، وأتى على جميع مباحثه بالمناقشة والنقد، فنقد الحد، وقول المناطقة: إن التصورات


(١) انظر فهارس: مناهج البحث للنشار، والمدرسة السلفية وموقفها من المنطق وعلم الكلام-نصار- وغيرها.
(٢) انظر: الرد على المنطقيين (ص: ٢٢ ا-١٤٧) ، ونقض المنطق (ص: ١٦٤) .
(٣) درء التعارض (٥/٧١، ٨/٢٣٤، ٧/٤٢) وفيه " ولا سمين فينتقل،، والعبارة وصف إحدى النساء لزوجها في حديث أم زرع) البخارى في النكاح ورقمه (٥١٨٩) ، الفتح (٩/٢٥٤) .
(٤) الرد على المنطقيين (ص: ٣) .
(٥) انظر: المصدر السابق (ص: ١٧٨- ١٨٠) ، ومجموع الفتاوى (٩/٢٦٩- ٢٧٠) .
(٦) انظر: درء العارض (١/٢١٧-٢١٨) ، ومجموع الفتاوى (٩/٢٦١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>