للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا عقلي، ولا يجوز قط أن الأدلة الصحيحة النقلية تخالف الأدلة الصحيحة العقلية ... " (١) ، ويورد اعتراضا على هذا ثم يرد عليه، فيقول: " فإن قيل: إذا كان هذا مما يعرف بالعقل فكيف جعله الله تعالى مما أرسلت به الرسل؟ قيل: لأن الرسل ضربت للناس الأمثال العقلية التي يعرفون بها التماثل والاختلاف، فإن الرسل دلت الناس وأرشدتهم إلى ما به يعرفون العدل، ويعرفون الأقيسة العقلية الصحيحة التي يستدل بها على المطالب الدينية، فليس العلوم النبوية مقصورة على مجرد الخبر، كما يظن ذلك من يظنه من أهل الكلام، ويجعلون ما يعلم قسيما للعلوم النبوية، بل الرسل- صلوات الله عليهم- بينت العلوم العقلية التي بها يتم دين الناس علما وعملا، وضربت الأمثال، فكملت الفطرة بما نبهتا عليه وأرشدتها مما كانت الفطرة معرضة عنه، أو كانت الفطرة قد فسدت بما حصل لها من الآراء والأهواء الفاسدة، فأزالت ذلك الفساد وبينت ما كانت الفطرة معرضة عنه، حتى صار عند الفطرة معرفة الميزان التي أنزلها الله وبينتها رسله " (٢) ، ويوضح شيخ الاسلام أن الله كما أنزل مع رسله الايمان، فلا يحصل الإيمان إلا بهم، فكذلك أنزل الميزان في القلوب وذلك لما بينت الرسل العدل وما يوزن به (٣) .

ولما كان القياس أحد الأصول المعتبرة في الأحكام عند جماهير المسلمين، وقف شيخ الإسلام مع أهل المنطق وقفة طويلة حول زعمهم أن قياسهم الشمولي هو الذي يفيد اليقين، أما القياس التمثيلي- الذي هو قياس الأصوليين- فلا يفيد إلا الظن (٤) ، ظنا منهم أن استخدامه في الأحكام الفرعية من جانب الفقهاء


(١) الرد على المنطقيين (ص: ٣٧٣) .
(٢) نفسه (ص: ٣٨٢) .
(٣) نفسه (ص: ٣٨٣-٣٨٤) .
(٤) سبق التعريف بقياس الشمول والتمثيل والفرق بينهما أن الشمولي إنتقال من خاص إلى عام ثم انتقال من ذلك العام إلى الخاص، أما التمثيلى فهو انتقال من حكم معين (جزئي) إلى حكم معين (جزئي) لاشتراكهما في ذلك المعنى الكلى، ومع ذلك فيمكن إرجاع أحدهما إلى الآخر كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمبة. ويلاحظ أن بعض الباحثين في علوم المنطق ردوا على إخوانهم المناطقة في قولهم: إن القياس التمثيلى ظنى ويينوا أنه قد يكون قطعيا، انظر التهذيب شرح الخبيصى، حاشية العطار (٤١٤) كما ذكروا لهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>