للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هـ- الميزان القرآني:

وردت نصوص تدل على " الميزان " وأن الله أنزله، مثل قوله تعالى:

{الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} [الشورى: ١٧] ، وقوله: {والسماء رفعها ووضع الميزان ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان} [الرحمن: ٧-٩] وغيرها، فما هذا الميزان؟ يقول شيخ الإسلام: " وقد قال الله سبحانه وتعالى: {الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان} [الشورى: ١٧] ، وقال: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط} [الحديد: ٢٥] ، والميزان يفسره السلف بالعدل، ويفسره بعضهم بما يوزن به (١) ، وهما متلازمان، وقد أخبر أنه أنزل ذلك مع رسله كا أنزل معهم الكتاب ليقوم الناس بالقسط، فما يعرف به تماثل المتماثلات من الصفات والمقادير هو من الميزان، وكذلك ما يعرف به اختلاف المختلفات، فمعرفة أن هذه الدراهم أو غيرها من الأجسام الثقيلة بقدر هذه تعرف بموازينها، وكذلك مثل هذا الزمان يعرف بموازينه التى يقدر بها الأوقات ...

فكذلك الفروع المقيسة على أصولها في الشرعيات والعقليات تعرف بالموازين المشتركة بينهما، وهي الوصف الجامع المشترك الذي يسمى الحد الأوسط، فإنا إذا علمنا أن الله حرم خمر العنب لما ذكره من أنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وتوقع بين المؤمنين العداوة والبغضاء، ثم رأينا نبيذ الحبوب من الحنطة والشعير والرز وغير ذلك يماثلها في المعنى الكلي المشترك الذي هو علة التحريم، كان هذا القدر المشترك الذي هو العلة هو الميزان التي أنزلها الله في قلوبنا لنزن بها هذا نجعله مثل هذا، فلا نفرق بين المتماثلين، والقياس الصحيح هو من العدل الذي أمر الله تعالى به" (٢) ، ويوضح النقطة الأخيرة فيقول:

" إن القياس الصحيح هو من العدل الذي أنزله، وإنه لا يجوز قط أن يختلف الكتاب والميزان، فلا يختلف نص ثابت عن الرسل وقياس صحيح، لا قياس شرعي


(١) انظر هذين القولين في تفسير الآية: ٢٥ من سورة الحديد: تفسير الطبرى، وزاد المسير.
(٢) الرد على المنطقيين (ص: ٣٧٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>