للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا يتضح الفرق بين منهج أهل البدع في النفي الذي يصفون الله به، وبين منهج القرآن في النفي، فنفي أهل البدع يتضمن نقصاً لأنهم يسلبون عنه صفات المدح والوجود، والنفي الوارد إنما يتضمن إثبات كمال ضد المنفي وهو صفات الكمال لله تعالى (١) .

٤- إن ما لم يرد في النصوص إثباته ولا نفيه فيجب التوقف فيه، والاستفصال عنه، وعن معناه، فإن كان المراد به حقاً موافقاً للنصوص ولا يعارضها قبل، وإلا رد، يقول شيخ الإسلام:" كل لفظ أحدثه الناس فأثبته قوم ونفاه آخرون فليس علينا أن نطلق إثباته ولا نفيه حتى نفهم مراد المتكلم، فإن كان مراده حقاً موافقاً لما جاءت به الرسل والكتاب والسنة من نفي أو إثبات قلنا به، وإن كان باطلاً مخالفاً لما جاء به الكتاب والسنة من نفي أو إثبات منعنا القول به" (٢) ، ويقسم الألفاظ - إلى نوعين فيقول:" ومن الأصول الكلية أن يعلم أن الألفاظ نوعان: نوع جاء به الكتاب والسنة، فيجب على كل مؤمن أن يقر بموجب ذلك، فيثبت ما أثبته الله ورسوله، وينفي ما نفاه الله ورسوله، فاللفظ الذي أثبته الله أو نفاه حق، فإن الله يقول الحق وهو يهدي السبيل، والألفاظ الشرعية لها حرمة، ومن تمام العلم أن يبحث عن مراد رسوله بها ليثبت ما أثبته، وينفي ما نفاه من المعاني، فإنه يجب علينا أن نصدقه في كل ما أخبر، ونطيعه في كل ما أوجب وأمر، ثم إذا عرفنا تفصيل ذلك كان ذلك من زيادة العلم والإيمان وقد قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١] وأما الألفاظ التي ليست في الكتاب والسنة، ولا اتفق السلف على نفيها أو إثباتها فهذه ليس على أحد أن يوافق من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده، فإن أراد بها معنى يوافق خبر الرسول أقر به،


(١) انظر: في هذه المسألة أيضاً: درء التعارض (١٠/٢٩١) ، والجواب الصحيح (٢/١٠٥) ، ونقض التأسيس المطبوع (٢/٩٧) ، ومجموع الفتاوى (١٦/٩٩) ، وجواب أهل العلم والإيمان، ومجموع الفتاوى (١٧/١٤٤) .
(٢) مجموع الفتاوى (٦/٣٦-٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>