للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلغ من معرفته بأحوال الخصوم أن قال عن "الاتحادية" ":" ولهذا لما بينت لطوائف من اتباعهم ورؤسائهم قولهم، وسر مذهبهم، صاروا يعظمون ذلك، ولولا ما أقرنه بذلك من الذم والرد لجعلوني من أئمتهم، وبذلوا لي من طاعة نفوسهم وأموالهم ما يجل عن الوصف، كما تبذله النصارى لرؤسائهم والإسماعيلية لكبرائهم، وكما بذل آل فرعون لفرعون ... " (١) .ولما عرض لمسألة: أفعال العباد، وهل هي قديمة قال:" ولم يقل قط أحد لا من أصحاب أحمد المعروفين، ولا من غيرهم من العلماء المعروفين: إن أفعال العباد قديمة، وإنما رأيت هذا [قولا] لبعض المتأخرين بأرض العجم وأرض مصر من المنتسبين إلى مذهب الشافعي وأحمد فرأيت بعض المصريين يقولون: إن أفعال العباد من خير وشر قديمة، ويقولون: ليس مرادنا بالأفعال نفس الحركات ولكن الثواب الذي يكون عليها" (٢) . وكثيرا ما يمحص الأقوال التي تنسب إلى الخوارج (٣) ، أو بعض طوائف النصارى (٤) ، بل قال عن الزبور:" وقد رأيت أنا من نسخ الزبور ما فيه تصريح بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - باسمه ورأيت نسخة أخرى "من الزبور" (٥) ، فلم أر ذلك فيها، وحينئذ فلا يمتنع أن يكون في بعض النسخ من صفات النبي - صلى الله عليه وسلم - ما ليس في أخرى" (٦) . ومن علمه بحال الخصوم معرفته بالبلدان التي يكثر فيها الكفر والشرك والأحوال الشيطانية والتي يقل فيها ذلك (٧) .


(١) حقيقة مذهب الاتحاديين، مجموع الفتاوى (٢/١٣٨) ، وانظر: قصته في الإسكندرية لما جاء أحد فضلائهم وطلب منه أن يشرح له مذهبهم، فشرحه، النبوات (ص١٢٠) ، دار الكتب العلمية.
(٢) مجموع الفتاوى (٨/٤٠٨) .
(٣) انظر: الصارم المسلول (ص١٨٤-١٨٥) .
(٤) انظر: مناقشته للطبري وغيره حول طوائف النصارى وعقائدهم في الجواب الصحيح (١/١٧٠-١٧١) .
(٥) في الأصل: بالزبور، ولعل الصواب ما ذكرته.
(٦) الجواب الصحيح (٢/٢٧) .
(٧) انظر: تلخيص الاستغاثة (١/٤٩-٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>