للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- بيانه لمنهج أهل البدع والكلام، المخالف لمنهج السلف - رحمهم الله تعالى - ولا شك أن بيان منهج الباطل يعين على معرفة منهج أهل الحق، ولذلك أشار في الوصية الكبرى إلى جوامع من أصول أهل الباطل فقال:" وأنا أذكر جوامع من أصول الباطل التي ابتدعها طوائف ممن ينتسب إلى السنة وقد مرق منها وصار من أكابر الظالمين، وهي فصول: الفصل الأول: أحاديث رووها في الصفات زائدة على الأحاديث التي في دواوين الإسلام مما نعلم باليقين القاطع أنها كذب وبهتان، بل كفر شنيع ... فصل: وكذلك الغلو في بعض المشايخ ... فصل: وكذلك التفريق بين الأمة وامتحانها بما لم يأمر الله به ولا رسوله ... " (١) ، ويقول عن أهل البدع: إنهم على عكس منهج الرسل، فالرسل" يأمرون بالغايات المطلوبة من الإيمان بالله ورسوله وتقواه، ويذكرون من طرق ذلك وأسبابه ما هو أقوى وأنفع، وأما أهل البدع المخالفون لهم فبالعكس يأمرون بالبدايات والأوائل، ويذكرون من ذلك ما أضعف وأضر، فمتبع الأنبياء لا يضل ولا يشقى، ومتبع هؤلاء ضال شقي ... " (٢) . ومن منهج أهل الباطل أنهم اعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها، وهؤلاء أصناف (٣) .

ويذكر شيخ الإسلام أن من منهج أهل الباطل التلبيس على أتباعهم والتدرج بهم، حيث يبدأون بالألفاظ المتشابهة ثم يؤلفون أقوالهم ويعظمونها في النفوس ويهولونها، حتى يستجيب لهم من يدعونه ولو لم يكن مقتنعا بأقوالهم، ويشبه هذا ما تفعله القرامطة من التدرج في دعوتهم، يقول شيخ الإسلام:" ولكن هؤلاء عمدوا إلى ألفاظ مجملة مشتبهة تحتمل في لغات الأمم معاني متعددة، وصاروا يدخلون فيها من المعاني ما ليس هو المفهوم منها في لغات الأمم، ثم ركبوها، وألفوها تأليفا طويلا بنوا بعضه على بعض، وعظموا قولهم وهولوه في نفوس من لم يفهمه،


(١) الوصية الكبرى، مجموع الفتاوى (٣/٣٨٤-٣٨٥، ٣٩٥، ٤١٥) .
(٢) درء التعارض (٨/٢١) .
(٣) انظر مقدمة في أصول التفسير (ص٨١-٩٣) ، تحقيق: زرزور.

<<  <  ج: ص:  >  >>