للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دوني؟ " [وفي بعض نسخ الوفيات الخطية] : فقال الجبائي للأشعرى: إنك مجنون، فقال: لا، بل وقف حمار الشيخ في العقبة" (١) ، وبسبب انقطاع الجبائي رجع الأشعري عن الاعتزال (٢) ، وهناك مناظرة أخرى حول هل يسمي الله عاقلا فقد " دخل رجل على الجبائي فقال: هل يجوز أن يسمي الله تعالى عاقلا؟ فقال الجبائي: لا، لأن العقل مشتق من العقال، وهو المانع، والمنع في حق الله محال، فامتنع الإطلاق. قال الشيخ أبو الحسن فقلت له: فعلى قياسك لا يسمي الله سبحانه حكيما؟ لأن هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام، وهي الحديدة المانعة للدابة من الخروج ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت- رضي الله عنهـ:

فنحكم بالقوافي من هجانا ونضرب حين تختلط الدماء (٣)

وقول الآخر:

أبني حنيفة حكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضبا (٤)

أى نمنع بالقوافي من هجانا، وامنعوا سفهاكم، فإذا كان اللفظ مشتقا من المنع، والمنع على الله محال لزمك أن تمنع إطلاق حكيم عليه سبحانه وتعالى قال: فلم يحر جوابا، الا أنه قال لي: فلم منعت أنت أن يسمي الله سبحانه عاقلا، وأجزت أن يسمي حكيما؟ قال: فقلت له: لأن طريقي في مأخذ أسماء الله الإذن الشرعي دون القياس اللغوى، فأطلقت حكيما لأن الشرع أطلقه، ومنعت عاقلا لأن الشرع منعه، ولو أطلقه الشرع لأطلقته" (٥) .


(١) وفيات الأعيان (٤/٢٦٧-٢٦٨) ، وانظر طبقات السبكي (٣/٣٥٦) ، وانظر رأي الجبائي في هذه المسألة في مقالات الأشعري (ص: ٥٧٥) ، وانظر: تعليق المقبل القاسي على هذه القصة في العلم الشامخ (ص: ٢٩٧) .
(٢) انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/٩٣) ، ويذكر الرازى في تفسيره "سورة الأنعام، آية ١٢٥" انها بعد رجوع الأشعري (١٣/١٨٥) .
(٣) ديوان حسان (ص: ٧٤) ، ت سيد حنفي وحسن كامل الصيرفي، الهيئة المصريةالعامة ١٣٩٤هـ، ١٩٧٤م.
(٤) البيت لجرير، ديوانه (١/٤٦٦) وفيه " أحكموا".
(٥) طبقات السبكي (٣/٣٥٧-٣٥٨) ، وانظر: ظهر الإسلام (٤/٦٨-٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>