للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، ويريد أمراً بعد أن لم يكن مريدا له، ويكلم أحدا من البشر بعد أن لم يكن مكلما له، هذهـ عندهم- حوادث وتغيرات لا يجوز أن يتصف بها الله، لأن الحوادث لا تحل في ذاته.

٤- والرضا والغضب- عند الكلابية أزليان- ولذلك التزموا بالقول بالموافاة. ومقتضاها: أن الله " لم يزل راضيا عمن يعلم أنه يموت مؤمنا وإن كان أكثر عمره كافرا، ساخطا على من يعلم أنه يموت كافرا وإن كان أكثر عمره مؤمنا" (١) ، ومعناه أن لم يزل راضيا عن الصحابة، حتى وهم قبل إسلامهم يقاتلون المسلمين ويشركون بالله، ورضاه عنهم أزلي، وكذلك العكس، وهذا حتى لا يقول بتجدد الحوادث في ذاته تعالى إذا قيل إنه كان ساخطا على هذا ثم رضي عنه، يقول الأشعري في الإبانة:"ثم يقال لهم: اذا كان غضب الله غير مخلوق وكذلك رضاه وسخطه فلم لا؟ قلتم: إن كلامه غير مخلوق، ومن زعم أن غضب الله مخلوق لزمه أن غضب الله وسخطه على الكافرين يفنى، وأن رضاه عن الملائكة والنبيين يفني حتى لا يكون راضيا عن أوليائه ولا ساخطا على أعدائه، وهذا هو الخروج عن الإسلام" (٢) ، فقول الأشعري:" لزمه أن غضب الله وسخطه على الكافرين يفنى، هذا عنده خاص فيمن علم أنه يموت كافرا، أما الإنسان لو عاش سنين طويلة كافرا ثم أسلم ومات على إسلامه، فهذا- عند الأشعري- لا يجوز أن يقال إن الله كان ساخطا عليه في وقت كفره، ثم رضي عنه لما أسلم، وإنما يقال: ان الله لم يزل راضيا عنه حتى في حال كفره لأنه علم أنه يموت مؤمنا، وهذا بناء على أصله الكلابي.

٥- ولما كان من أدلة المعتزلة على قولهم أن القرآن مخلوق قوله تعالى:

{ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه هم يلعبون} [الأنبياء:٢] أجاب الأشعري عن هذه الآية بقوله: " الذكر الذى عناه الله عز وجل ليس هو القرآن، بل هو كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ووعظه إياهم ... " (٣) ،


(١) المقالات (ص: ٥٤٧) - ط- ريتر، ونسبه الأشعري إلى ابن كلاب.
(٢) الإبانة (ص: ٨٠- ٨١) .
(٣) نفس المصدر (ص: ١٠٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>