للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتهر عند الأشاعرة الذين التزموا هذا الأصل، ولذلك ذكره ابن حجر العسقلاني- في شرحه لباب البخارى هذا - وذكر تأويلات أخرى مشابهة، وكل ذلك فرارا مما يدل عليه ظاهر الآية، بل نقل ردود العلماء وأقوالهم في أن اقول بان المقصود بالآية القرآن"يلزم منه أن يكون الله متكلما بكلام حادث فتحل فيه الحوادث" (١) .

هذه أقوال الأشعري من كتابه الإبانة وهي بمجموعها دالة على أنه بقي على اتباعه لابن كلاب، وإن كان لم صرح بذلك كتصريحه في كتبه الأخرى، فهو في الإبانة- بلا شك- أكثر إثباتا واتباعا لأهل السنة، وبعدا عن كلام أهل البدع، خاصة وأنه رد على المعتزلة القائلين بخلق القرآن، كما رد على الكرامية الذين يقولون: إن الله لم يكن متكلما ثم تكلم، لكنه لم يرد على أقوال الكلابية الذين اشتهر في عهده إنكار السلف عليهم.

وهذه الملحوظات التى ذكرناها- فيما نقلناه عن الإبانة- هي التي جعلت شيخ الإسلام يذكر أن الأشعري احتج في الإبانة وغيرها بمقدمات سلمها للمعتزلة. يقول شيخ الاسلام:" وهذا من الكلام الذي بقي على الأشعري من بقايا كلام المعتزلة، فإنه خالف المعتزلة لما رجع عن مذهبهم فى أصولهم التي اشهروا فيها بمخالفة أهل السنة كإثبات الصفات والرؤية، وأن القرآن غير مخلوق، وإثبات القدر، وغير ذلك من مقالات أهل السنة والحديث، وذكر في كتاب "المقالات" أنه يقول بما ذكره عن أهل السنة والحديث.

وذكر فى الإبانة أنه يأتم بقول الإمام أحمد، قال:"فإنه الإمام الكامل والرئيس الفاضل، الذى أبان الله به الحق، وأوضح به المنهاج وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائفين، وشك الشاكين وقال:"فإن قال قائل قد انكرتم قول الجهمية والمعتزلة والقدرية والمرجئة"، واحتج فى ضمن ذلك بمقدمات سلمها للمعتزلة، مثل هذا الكلام، فصارت المعتزلة وغيرهم من أهل الكلام يقولون: إنه متناقض فى ذلك، وكذلك سائر أهل السنة والحديث يقولون: إن هذا تناقض، وإن هذه بقية بقيت عليه من كلام المعتزلة" (٢) .


(١) فتح الباري (١٣/٤٩٨) ، وانظر: شرح ابن حجر في (١٣/٩٧١)
(٢) منهاج السنة (١٢/٢٢٧-٢٢٩) ط جامعة الامام ٠

<<  <  ج: ص:  >  >>