للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا روى الإمام أحمد عن جابر بن نوح عن الأعمش عن إبراهيم [النخعي] قال: " إنما سئل عن الإسناد أيام المختار " (١) ، والمختار نفسه كان يأمر بأن توضع له الأحاديث المكذوبة، فقد أمر رجلا- من أصحاب الحديث- قائلا: " ضع لي حديثا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أني كائن بعده خليفة "، فرفض الرجل (٢) ، بل أمر محمد بن عمار بن ياسر أن يحدث عن أبيه بحديث كذب فأبى فقتله (٣) . ولذلك فشا الكذب في عهده، كما روى شريك عن أبي إسحاق: سمعت خزيمة بن نصر العبسى- أيام المختار- وهم يقولون ما يقولون من الكذب- وكان من أصحاب علي- قال: " ما لهم قاتلهم الله، أي عصابة شانوا وأي حديث أفسدوا " (٤) . وإذا كان الرافضة أهل كذب فقد ضموا إليه الطعن في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورميهم بالكفر والردة إلا أعدادا قليلة.

وليس الغرض استقصاء هذه الأمور- فالموضوع فيها طويل- ولكن نشير هنا إلى أن تميز أهل السنة واكب ظهور الرافضة من جهتين:

الأول: انتشار الكذب عندهم (٥) ، مما أثار علماء السنة للبحث عن الرجال والأسانيد، فبدأ بتميز أهل الحديث عن غيرهم، وسبق أن ذكرنا أقوال العلماء بأن الفرقة الناجية هم أهل الحديث.

الثانية: طعنهم في الصحابة، ونشوء البدع وكئرتها لديهم، حتى أصبح شعار " أهل السنة " كثيرا ما يستعمل في مقابل الرافضة، وسفيان الثوري-رحمه الله-


(١) شرح علل الترمذيا (١/٥٢) ، ورواه الخطيب في الجامع عن خثيمة بن عبد الرحمن. (الجا مع: ١/ ١٣٠) تحقيق: الطحان.
(٢) التاريخ الكبير للبخاري (٨ / ٤٣٤- ٤٣٥) ، والصغير (١ / ٤٧) ، والموضوعات لابن الجوزي (١/٣٩) .
(٣) الجامع للخطيب (١/١٣١) ، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٨/٤٣) .
(٤) رواه البيهقى في المدخل، رقم (٨٣) ، وانظر علل الترمذى (١/٥٢) .
(٥) بل الكذب أحد أصولهم وذلك بما يسمى " التقية "! عندهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>