للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن كلاب:" ولو لم يشهد لصحة مذهب الجماعة في هذا الفن خاصة الا ماذكرنا من هذه الأمور لكان فيه ما يكفي، كيف وقد غرس في بنيه الفطرة ومعارف الآدميين من ذلك مالا شيء أبين منه ولا أوكد؟ لأنك لا تسأل أحدا من الناس عنه، عربيا ولا عجميا، ولا مؤمنا ولا كافرا فتقول: أين ربك؟ إلا قال: في السماء إن أفصح، أو أومأ بيده أو أشار بطرفه إن كان لا يفصح، لا يشير إلى غير ذلك من أرض ولا سهل ولا جبل، ولا رأينا أحدا داعيا له إلا رافعا يديه إلى السماء، ولا وجدنا أحدا غير الجهمية يسأل عن ربه فيقول: في كل مكان كما يقولون، وهم يدعون أنهم أفضل الناس كلهم فتاهت العقول، وسقطت الأخبار، واهتدى جهم وحده وخمسون رجلا معه، نعوذ بالله من مضلات الفتن" (١) .

ورد ابن كلاب على من يقول: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه، فقال: " وأخرج من النظر والخبر قول من قال: لا في العالم ولا خارج منه، فنفاه نفيا مستويا، لأنه لو قيل له: صفه بالعدم ما قدر أن يقول فيه أكثر منه، ورد أخبار الله نصا، وقال في ذلك مالا يجوز في خبر ولا معقول، وزعم أن هذا هو التوحيد الخالص. والنفي الخالص عندهم هو الإثبات الخالص، وهم عند أنفسهم قياسون " (٢) .

وقال مجيبا على شبهتهم: " فإن قالوا: هذا إفصاح منكم بخلو الأماكن منه، وانفراد العرش به، قيل: إن كنتم تعنون خلو الأماكن من تدبيره وأنه عالم بها فلا، وإن كنتم تذهبون الى خلوها من استوائه عليها كما استوى على العرش فنحن لا نحتشم أن نقول: استوى الله على العرش، ونحتشم أن نقول: استوى على الأرض، واستوى على الجدار، وفي صدر البيت" (٣) .


(١) درء التعارض (٦/١٩٤) .
(٢) المصدر السابق (٦/١١٩) .
(٣) نفس المصدر (٦/١١٩-. ١٢) ، ويرى ابن كلاب ان استواء الله كونه فوق العرش بلا مماسة، انظر: أصول الدين (ص: ١١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>