للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأبو الحسن الطبري في هذه المقدمات [يعرض بأهل الحديث و] يستخدم المنهج العقلي في تأويل النصوص الدالة على الإثبات دون أن يفرق بين الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة والأحاديث الثابتة، بل واضح من كلامه أن حذره من التشبيه أكثر من حذره من التعطيل.

٢- يحتج على إثبات الصانع بخلق الإنسان من نطفة ثم من علقة، ثم يحتج على الوحدانية بدليل التمانع (١) ، وهذه نفسها أدلة الأشعري، ويقول: إن الله ليس بجسم ويحتج لذلك بإن الله لم يسم نفسه به ولا اتفق المسلمون عليه، ويعلل منع إطلاقه بأن حقيقة منع إطلاقه بأن حقيقة الجسم أن يكون طويلا عريضا عميقا وهذا يخالف وصف الله بأنه واحد (٢) .

٣- أما مذهب أبي الحسن الطبري في الصفات فقد فصله في كتابه، ويمكن تلخيص ذلك فيما يلي:

أبالنسبة للصفات الخبرية فهو يثبتها مع نفي أي دلالة فيها على التجسيم أو التبعيض - على حد زعمه - فمثلا حين يتكلم على صفة اليدين وقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] يذكر الوجوه الواردة في معنى اليد، كالقوة، والنعمة، والجارحة، وبمعنى النفس والذات، ومنها يد صفة لا تحتمل معنى من المعاني السابقة، وبعد أن يبطل هذه الأقوال تفسيرا للآية يقول: "فإذا بطلت هذه الوجوه بأسرها لم يرجع تفسيرها إلى غير إطلاق اللفظ فيها كما جاء عن الله سبحانه من غير تفسيرنا ذلك بالفارسية الموهمة للخطأ، فإن قيل: كيف يستقيم لك أن تقسم اليد على أوجه ثم تخرج اليد التي تثبتها للقديم من جملتها من غير أن ترجع في العبارة عنها إلى الفارسية وغيرها من اللغات ولا تزيد على قولك من أنها يد صفية وهي غير معقولة فيما بيننا؟ قيل له: إن ذلك التقسيم الذي قسمنا إنما فعلنا فيما شاهدناه، ونحن فلم نرتب الباب بيننا


(١) تأويل الأحاديث المشكلة (لوحة ٣- أ-ب) .
(٢) المصدر السابق (لوحة ٤- أ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>