للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبين خصومنا، لا لنثبت ما شاهدناه، وعقلناه معاينة حتى يكون قولك هذا قادحا في جملة ما أوردناه في هذا الباب؛ لأنا قد نثبت فاعلا في الغائب قديما ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر وإن كنا في الشاهد لا نعقل موجودا إلا جسما أو جوهرا أو عرضا، فإن صح ذلك كله مع خروجه عن حكم الشاهد صح لغيرك إثبات اليد القديم من غير رجوع في تفسيرها إلى أكثر من إطلاق اللفظ بها كما جاء في القرآن " (١) ، والخلاصة أنه يثبت اليدين مع التفويض الكامل لها، ولذلك لم يثبت القبضة الواردة في قوله تعالى: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر: ٦٧] بل أولها بقوله عن معنى الآية: "أي والأرض جميعا ذاهبة فانية يوم القيامة بقدرته على إفنائها" (٢) ، وكذلك يقول في قوله تعالى: {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (الزمر: ٦٧) ، إن الطي أريد به الفناء والذهاب، ويذكر أدلة ذلك من الشعر ثم يقول:" ومن الناس من يقول: مطويات بيمينه أي ذاهبات بقسمه لأنه أقسم ليفنيها " (٣) .

ويقول: إن الله راء بلا عين، ويرد على أدلة من يسميهم بالمشبه الذين أثبتوا لله عينا ويتأول النصوص الواردة في ذلك من الكتبا والسنة (٤) ، كما يتأول" القدم "ويذكر له عدة تأويلات ولا يثبت هذه الصفة كما يليق بالله تعالى (٥) .

ب - يثبت أبو الحسن الطبري صفة الاستواء والعلو لله تعالى، يقول:" اعلم عصمنا الله وإياك من الزيغ برحمته أن الله سبحانه في السماء فوق كل شيء، مستو على عرشه بمعنى أنه عال عليه، وبمعنى الاستواء الاعتلاء، كما يقول: استويت على ظهر الدابة، واستويت على السطح يعني علوته، واستوت الشمس على رأسي واستوى الطير على قمة رأسي بمعنى علا في الجو فوجد فوق رأسي،


(١) تأويل الأحاديث المشكلة (ل ٢١ - ب)
(٢) المصدر السابق (ل ٢٢ - أ)
(٣) نفسه (ل ٢٢ - ب) ، كما أنه تأويل (عن يمين الرحمن) و (كلتا يديه يمين) ، انظر: (ل٥١ -أ -ب) .
(٤) انظر: نفس المصدر (ل٥ - أ، ل٦ - أ - ب، ل٥٤ - أ) .
(٥) نفسه (ل٣٨ - ب- ٣٩ -أ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>