للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الأرض إله، وأنه مع المؤمنين وغيرها من النصوص الدالة على المعية، ويبين أنه لا دلالة فيها (١) . ثم يقول: " ولا يجوز أن يكون معنى استوائه على العرش هو استيلاؤه عليه، كما قال الشاعر:

قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ودم مهراق (٢)

لأن الاستيلاء هو القدرة والقهر، والله تعالى لم يزل قادراً قاهراً، عزيزاً مقتدراً، وقوله:) {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (الأعراف:٥٤) ، يقتضي استفتاح هذا الوصف بعد أن لم يكن فبطل ما قالوه" (٣) .

وهذا النص موجود في طبعة مكارثي من التمهيد، يبين ما في اتهام كل من الكوثري ومحققي التمهيد - الخضيري وأبي زيدة - من تجن على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، اللذين نقلا هذا النص ونسباه إلى الباقلاني في التمهيد (٤) . ومع أن محققي التمهيد قد ذكرا في ذيول تحقيقهما لهذا الكتاب ما يدل دلالة قاطعة على أن المخطوط الذي اعتمداه ناقص (٥) ، إلا أنهما جزما بخطأ ابن تيمية وابن القيم فقالا: " ونحن نثق على كل حال بنسخة التمهيد التي بين أيدينا ثقة أقوى من ثقتنا بنقل ابن تيمية وابن القيم، والله أعلم " (٦) ، ولما نشر التمهيد - عن عدة نسخ خطية بتحقيق رجل نصراني - تبين صدق شيخي الإسلام وتثبتهما في النقل، وخطأ هؤلاء الذين اتهموهما بالتحيز والخداع، وكيف يعتمد هؤلاء على أقول الكورثي المشهور بالتجهم والحاقد على أئمة أهل السنة؟ (٧) .


(١) انظر: التمهيد (ص: ٢٦١-٢٦٢) .
(٢) هذا البيت منسوب إلى الأخطل النصراني، انظر: البداية والنهاية (٩/٧) في ترجمة بشر ابن مروان أخو عبد الملك بن مروان، وتاج العروس مادة سوا من حرف الياء.
(٣) التمهيد (ص: ٢٦٢) ، وقد ذكر السجزي في الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص: ١٤٣) ، أن الباقلاني يقول إن الاستواء فعل فعله الله في العرش.
(٤) انظر: درء التعارض (٦/٢٠٦ - ٢٠٧) ، واجتماع الجيوش (ص: ١٩٣) .
(٥) انظر: التمهيد - ط القاهرة - (ص: ٢٦٠-٢٦١) ، ذيول المحققين - حيث ذكرا سببين يدلان على نقص المخطوطة التي اعتمدا عليها، ومع ذلك- ولا أدري ما السبب - جزماً بكمالها.
(٦) المصدر السابق - نفس الطبعة (ص: ٢٦٥) .
(٧) سأل المحققان الكوثري عما نقله ابن القيم من التمهيد حول الاستواء فقال: " لا وجود لشيء مما عزاه ابن القيم إلى كتاب التمهيد في كتاب التمهيد هذا، ولا أدري ما إذا كان ابن القيم عزا إليه ما ليس فيه زوراً ليخادع المسلمين في نحلته أم ظن بكتاب آخر أنه كتاب التمهيد للباقلاني"، التمهيد (ص: ٢٦٥) ، وممن نبه إلى ما وقع فيه هؤلاء من خطأ في هذا الموضوع جلال موسى في كتابه نشأة الأشعرية (ص: ٣٣١) ، مع أنه ممن لا يوافق ابن تيمية في آرائه لكنه قال هنا كلمة الحق والإنصاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>