للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- على الإطلاق في حق الخالق والمخلوق - " إنما هو المعنى القائم بالنفس، لكن جعل لنا دلالة عليه تارة بالصوت والحروف نطقاً، وتارة بجمع الحروف بعضها إلى بعض كتابة دون الصوت ووجوده، وتارة إشارة ورمزاً دون الحرف والأصوات ووجودهما " (١) ، وكلام الله عنده ليس بحروف ولا أصوات، ولا يحل في شيء من المخلوقات (٢) .

هذه خلاصة أقوال الباقلاني في كلام الله، ولكن إذا كان الكلام هو المعنى القائم في النفس، فالكلام النازل علينا كلام من؟ ، سبق قبل قليل أن الباقلاني يقول: إن كلام الله مكتوب في المصاحف على الحقيقة، ومتلو بالألسن على الحقيقة، لكنه بعد ذلك يقول كلاماً خطيراً حيث يزعم ... إن كلام النازل كلام جبريل، يقول الباقلاني: " ويجب أن يعلم أن كلام الله تعالى منزل على قلب النبي - صلى الله عليه وسلم - نزول إعلام وإفهام لا نزول حركة وانتقال "، ثم يقول بعد كلام: " والنازل على الحقيقة المنتقل من قطر إلى قطر قول جبريل عليه السلام، يدل على ذلك قوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ* وَمَا لا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ *تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الأيات: (الحاقة٣٨-٤٣) ، وقوله تعالى: {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ... } الآيات: (التكوير:١٥-٢٩) ، يقول الباقلاني معلقاً على هذا: " هذا إخبار من الله تعالى بأن النظم العربي الذي هو قراءة كلام الله تعالى قول جبريل لا قول شاعر ولا قول كاهن" (٣) ،

ثم يقول - بعد كلام- " فحاصل هذا الكلام أن الصفة القديمة كالعلم والكلام ونحو ذلك من صفات الذات، لا يجوز أن تفارق الموصوف، لأن الصفة إذا فارقت الموصوف اتصف بضدها، والله تعالى متنزه عن الصفة وضدها، فافهم ذلك، فجاء من ذلك أن جبريل


(١) رسالة الحرة (ص: ١٠٨) .
(٢) انظر: نفس المصدر (: ٩٩) .
(٣) رسالة الحرة (ص: ٩٦-٩٧) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>