للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: جعلهما من صفات الفعل المنفصلة عن الله لا تقوم به مثل خلقه الخلق وإحسانه إليهم، وهذا يوافق ما نسب إليه من قوله عن الاستواء: إنه فعل فعله الله في العرش سماء استواء، وقد سبقت الإشارة إليه، والثالث: التأوي كما هو مذهب متأخري الأشعرية.

٥- والباقلاني ممن يقول بالأحوال (١) ، ولكنه يخالف أبا هاشم الجبائي المعتزلي - أول من قال بالحال - في قوله: إن الحال لا موجودة ولا معدومة ولا معلومة ولا مجهولة، بل يرى أنها معلومة، ويرد ردوداً طويلة على الجبائي، ويقول بعد تقريره أن الحال لابد أن تكون معلومة: " وإن كانت هذه الحال معلومة، وجب أن تكون إما موجودة أو معدومة، فإن كانت معدومة استحال أن توجب حكماً وأن تتعلق بزيد دون عمرو، ويالقديم دون المحدث، وإن كانت موجودة وجب أن تكون شيئاً وصفة متعلقة بالعالم، وهذا قولنا الذي نذهب إليه إنما يحصل الخلاف في العبارة وفي تسمية هذا الشيء علماً أو حالاً، وليس هذا بخلاف في المعنى فوجب صحة ما نذهب إليه في إثبات الصفات" (٢) ،

وقد عرف الشهر ستاني الحال عند القاضي بأنها: " كل صفة لموجود لا تتصف بالوجود فهي حال، سواء كان المعنى الموجب مما يشترط في ثبوته الحياة أو لم يشترط ككون الحي حياً وعالماً وقادراً وكون المتحرك متحركاً والساكن ساكناً والأسود والأبيض إلى غير ذلك " (٣) .

والباقلاني بذلك يعتبر من أوائل من قال بالحال من الأشاعرة، ومن المعلوم أن أبا الحسن الأشعري ممن ينكر الأحوال، والباقلاني يثبت الصفات ويقول


(١) أول من قال بالأحوال أبو هاشم الجباني - والحال يصعب تعريفها بشكل دقيق- " انظر: نهاية الإقدام (ص: ١٣١-١٣٢" ولذلك فهي مع كسب الأشعري وطفرة النظام مما قيل فيه: إنه لا حقيقة له، والحال تطلق على ما هو وسط بين الموجود والمعدوم، وهو صفة لا موجودة ولا معدومة، لكنها قائمة بموجود كالعالمية، وهي النسبة بين العالم والمعلوم، والحال عند أبي هاسم لا هي موجودة ولا معدومة، ولا هي معلومة ولا هي مجهولة، ولا هي قديمة ولا هي حديثة، انظر: المعجم الفلسفي، صليباً (١/٤٣٨) ، ولمجمع اللغة (ص: ٦٦) .
(٢) التمهيد (ص: ٢٠١) ..
(٣) نهاية الإقدام (ص: ١٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>