للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأحوال إلا أنه يخص الأحوال بالأمور التي تتصف بالوجود كالعرضية واللونية والاجتماع والافتراق والقادرية والعالمية وغيرها مما به تتفق المتماثلات، وتختلف المختلفات (١) ، على أنه قد ذكر رجوعه عن القول بها (٢) .

٦- أما رأيه في القدر فهو لا يختلف عن رأي الأشاعرة فهو يثبت القدر من الله تعالى وأن الله خالق كل شيء، كما أنه يقول بالموافاة وأن الله رضي في الأزل عمن علم أنه يمون مؤمناً وإن عاش أكثر عمره كافراً، وسخط في الأزل عمن علم أنه يموت كافراً وإن كان أكثر عمره مؤمناً (٣) ، وهذا بناء على أنه ينفي حلول الحوادث بذات الله تعالى، أما الاستطاعة والقدرة فلا تكون إلا مع الفعل، لكن الباقلاني خالف شيخه الأشعري بأن قال: إن قدرة العبد مؤثرة، يقول: " فإن قالوا: إن قلتم إن القادر منا على الفعل لا يقدر عليه إلا في حال حدوثه، ولا يقدر على تركه وفعل ضده، لزمكم أن يكون في حكم المطبوع المضطر إلى الفعل، قيل لهم: لا يجب ما قلتم لأنه ليس ها هنا مطبوع على كون شيء أو تولد عنه، أما المضطر إلى الشيء فهو المكره المحمول على الشيء الذي يوجد به، شاء أم أبى، والقدر على الفعل يؤثره ويهواه ولا يستنزل عنه برغبة ولا رهبة فلم يجز أن يكون مضطراً مع كونه مؤثراً مختاراً ... " (٤) ، وهذا يوافق ما ذكره عنه الشهرستاني (٥) ، كما أنه ينفي تعليل أفعال الله كقول الأشاعرة (٦) ، ويقول بالكسب (٧) ، كما أنه يقول بإنكار الضرورة بين العلة والمعلول، ويرى إنكار السببية، وربط الأمر كله بالله، فالإحراق لا يكون بالنار


(١) انظر: الشامي للجويني (ص: ٦٣٠-٦٤٢) ، ونشأة الأشعرية (ص: ٣٤٠) .
(٢) ممن ذكر تردده في إثبات الأحوال ونفيها الجويني في الشامل (ص: ٢٩٤-٦٢٩) ، وفي بعض أجوبته انظر: المعيار المعرب (١١/٢٤٦) ، والشهرستاني في الملل والنحل (١/٩٥) .
(٣) انظر: رسالة الحرة (ص: ٢٤-٤٥) .
(٤) التمهيد (ص: ٢٩٣) .
(٥) انظر: الملل والنحل (١/٩٧) ، ونهاية الإقدام (ص: ٧٣) ، وما فيهما أصرح مما هنا.
(٦) انظر: تعليقه على قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذريات:٥٦) ، في الانتصار (ص: ٤٨٠-٤٨١) من المجلد الأول المخطوط.
(٧) انظر: الحرة (ص: ١٤٤) ، والانتصار (١/٤٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>