للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختراع الأجسام وإبداع الجوارج والأسماع والأبصار، ورفع العمى، والزمانة وغيرهما من العاهات والضرب الآخر: شيء يقع مثله وما هو من جنسه تحت قدرة العباد، غير أنه يقع من الله على وجه يتعذر على العباد مثله، وذلك نحو تفريق أجزاء الجبال الصم، ورفعها إلى السماء، وتغييض ماء البحار، وحنين الجذع، ونظم القرآن ... (١) ، ويرى الباقلاني أن هذا القول ليس ببعيد (٢) ، لكنه يقيد ذلك بأن يمنعوا وأن يرفع عنهم القدرة على فعل مثل ذلك الذي جاء به النبي، ويمثل لذلك بأن النبي لو قال: " آيتي وحجتي أنني أقوم من مكاني وأحرك يدي، وأنكم لا تستطيعون مثل ذلك، فإذا منعوا من فعل مثل ما فعله، كانت الآية له خرق العادة بخلق المنع لهم من القيام وتحريك الجوارح ورفع قدرهم على ذلك مع كونه معتاداً من أفعالهم" (٣) .

جـ - أما شروط المعجزة عنده فهي:

١- أن تكون مما ينفرد الله بالقدرة عليه.

٢- أن يكون ذلك الذي يظهر على أيديهم خارقاً للعادة.

٣- أن يكون غير النبي - صلى الله عليه وسلم - ممنوعاً من إظهار ذلك على يده.

٤- أن يقع عند تحدي النبي وادعائه النبوة وأن ذلك آية له (٤) .

د - ولكن كيف يفرق بين المعجزة وبين حيل المشعوذين وأصحاب الخوارق الشيطانية؟ يجيب الباقلاني بما أجاب به سابقاً، من أن معجزات الرسل لا يصح أن يقدر عليها إلا الله تعالى مثل إحياء الموتى واختراع الأجسام (٥) .

وكذلك بالنسبة لما يأتي به الساحر (٦) ، ولكنه يقول: " إن الساحر إذا احتج


(١) انظر: كتاب البيان (ص: ١٤-١٥) .
(٢) انظر: نفس المصدر (ص:١٦) .
(٣) البيان (ص: ١٦-١٧) .
(٤) انظر: البيان (ص: ٤٥-٤٦) .
(٥) انظر: نفس المصدر (ص: ٥٦-٥٨) ، وانظر: بعض التفاصيل لذلك في نكت الانتصار المطبوع (ص: ٢٩٩-٣٠٦) .
(٦) انظر: نفس المصدر (ص: ٩٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>