للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسحر وادعى به النبوة أبطله الله تعالى عليه بوجهين: أحدهما: أنه إذا علم ذلك في حال الساحر وأنه سيدعي به النبوة أنساه عمل السحر جملة. والثاني: أن ينجد خلق من السحرة يفعلون مثل فعله ويعارضونه بأدق مما أورده فينتقض بذلك ما ادعاه (١) ، أما الفرق بين المعجزة والكرامة فليس موجوداً في المطبوعة الناقصة من البيان، ولكن الباقلاني، ذكر ذلك في رسالته لأحد العلماء، وذكر فيها أن الفرق هو أن الأمر الخارق للنبي مقرون بالتحدي والاحتجاج، وأن صاحب الكرامة لا يدعي النبوة بكرامته ولو علم الله أنه يدعي بها النبوة لما أجراها على يديه (٢) .

دور الباقلاني في تطور المذهب الأشعري:

يعتبر الباقلاني المؤسس الثاني للمذهب الأشعري (٣) ؛ والباقلاني تلميذ لتلامذة الأشعري فهو قريب العهد به، وعلى الرغم من أن تلامذة الأشعري كانوا أقوياء وذوي تأثير واسع إلا أن أحداً منهم لم يبلغ ما وصل إليه الباقلاني، ولعل الفترة التي عاشها الأشعري وتلامذته كان السائد فيها المذهب الكلابي، فكان المذهبان متداخلين، والأشعري وغيره من معاصريه كانوا تلامذة لابن كلاب، وتلامذة هؤلاء لم يتميزوا كأشاعرة وإنما كانوا كلابية لأن تتلمذهم لم يكن مقتصراً على الأشعري، وإنما كان عليه وعلى غيره من الكلابية، وهذا حسب الأغلب فقط.

فلما جاء الباقلاني جرد نفسه لنصرة أبي الحسن الأشعري ومذهبه، والعمل على دعمه بأوجه جديدة من الحجاج والمناظرات، وقد تمثل ذلك بعد طرق أهمها:


(١) البيان (ص: ٩٤-٩٥) .
(٢) انظر: المعيار المعرب (ص: ١١/٢٥٠-٢٥١) ، ضمن رسالة كتبها الباقلاني إلى محمد بن أحمد ابن المعتمر المرقى.
(٣) انظر في الفلسفة الإسلامية: منهج وتطبيقه، إبراهيم مدكور (٢/٤٧) ، وفي علم الكلام، الأشاعرة أحمد صبحي (ص:٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>