للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرقة الأخرى كالحرس الذين يذبون عن خزائن الملك (١) ، وواضح أن ابن فورك في كتابه جعل مهمته هدف الفرقة الثانية، ولذلك ذكر فيه ما يراه من مشكل الحديث.

والأمر الآخر: خلطه فيما يورده بين الأحاديث الصحيحة، والضعيفة والموضوعة، حيث جعلها نسقاً واحداً في الدلالة وضرورة التأويل، وإذا أشار إلى ضعف بعض الروايات لا يكتفي بذلك في ردها وبيان عدم الحاجة إلى بحث ما دلت عليه من الصفة لله تعالى، وإنما يشير إلى ضعفها - إن أشار - بكلمات ثم يجلب بخيله ورجله في تأويلها (٢) .

ومن الأمثلة على ذلك - وهي كثيرة - تأويله لرواية "الحجر الأسود يمين الله في أرضه، يصافح بها من شاء من خلقه" (٣) ،

فإنه قال - دون أن


(١) انظر: مشكل الحديث (ص: ١٧-١٨) .
(٢) نظر: كأمثلة على ذلك مشكل الحديث (الصفحات: ٥٩، ٦٤، ٦٩، ٨٣، ١٠٣، ١٠٨، ١٤١، ١٦٣، ١٦٨، ١٦٩) .
(٣) هذا الحديث روي مرفوعاً وموقوفاً، فرواه - عن عبد الله بن عمرو -: الحاكم في المستدرك (١/٤٥٧) ، بلفظ، يأتي الركن يوم القيامة.. وهو يمين الله التي يصافح بها خلقه "، والطبراني في الأوسط (١/٣٣٧) ، ورقمه (٥٦٧) ، وابن خزيمة في صحيحه (٤/٢٢١) ورقمه (٢٧٣٧) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/٨٥) ، وصحيحه الحاكم وتعقبه الذهبي بأن في إسناده عبد الله ابن المؤمل وهو ضعيف، كما رواه عن جابر مرفوعاً: الخطيب في تاريخ بغداد (٦/٣٢٨) ، وابن عدي في الكامل (١/٣٣٦) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/٨٤) ، وفي إسناده إسحاق بن بشر الكاهلي قال عنه ابن عدي في الكامل: هو في عداد من بضع الحديث، كما رواه عن أنس بن مالك مرفوعاً: الديلمي في الفردوس (٢/٢٥٨) ، بلفظين، وفي إسناده على بني عمر العسكري ضعيف، والعلاء بن سلمة الرواس متهم بالوضع، انظر: فيض القدير (٣/٣١٠) ، كما رواه موقوفاً على ابن عباس - عبد الرزاق في المصنف (٥/٣٩) ، ورقمه (٨٩١٩-٨٩٢٠) ، وابن قتيبة في غريب الحديث (٢/٣٣٧) ، والأزرقي في أخبار مكة من طرق (١/٣٢٣، ٣٢٤، ٣٢٦) ، ومحمد ابن يحيى العدني المعروف بمحمد بن أبي عمر - كما في المطالب العالية - (١/٣٣٩) ورقمه (١١٤٧) ، وفي الحاشية (١/٣٤٠) ، " في المسندة هذا موقوف جيد، وقال البوصيري: رواه ابن أبي عمر موقوفاً بإسناد صحيح"، كما روى موقوفاً على عكرمة، رواه الأزرقي في أخبار مكة (١/٣٢٥) ، ومما سبق يتبين أن المرفوع ضعيف، وأن الصحيح وقفه على ابن عباس، وممن صحح وقفه العجلوني في كشف الخفا (١/٣٤٩) ، وقال في تمييز الطيب من الخبيث (ص: ٦٨) ، " قال شيخنا هو موقوف صحيح"، كما أشار ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٦/٣٩٧) ، وفي التدمرية (ص: ٧٢) ، أن المشهور فيه أنه عن ابن عباس وانظر: حول هذا الحديث أيضاً إحياء علوم الدين (١/١٠٣) ، مع تخريج العراقي، وشرحه إتحاف السادة (٢/٧٩-٨٠) ، والسراج المنير للعزيزي (٢/٢٣٦-٢٣٧) ، وسلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني رقم (٢٢٣) ، وكنز العمال (١٢/٢١٥، ٢١٧) .
ملحوظة: وقع في الترغيب والترهيب (٢/١٩٤) - ت مصطفى عمارة - و (٢/٣١٤) ، ت الهراس رواية عبد الله بن عمرو بلفظ " يأتي الركن اليماني.." والذي في مصادر الحديث - التي أشرنا إليها - وأيضاً في مسند الإمام أحمد (٢/٢١١) ، حيث روى أول الحديث دون المصافحة، مجيء الرواية بلفظ " يأتي الركن"، فقط، ولذلك بوبوا له بالحجر الأسود، فلعل ما في الترغيب والترهيب وهم من المنذري أو من النساخ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>