للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصابه بالسطحية، ذلك مع التعقيد والجفاف والتخليط، مما جعل تلك الفلسفة الإسلامية ومعها مباحث علم الكلام غريبة غربة كاملة على الإسلام وطبيعته، وحقيقته، ومنهجه وأسلوبه ".

" وأنا أعلم أن هذا الكلام سيقابل بالدهشة- على الأقل- سواء من كثير من المشتغلين عندنا بما يسمى " الفلسفة الاسلامية " أو من المشتغلين بالمباحث الفلسفية بصفة عامة.... ولكني أقرر وأنا على يقين جازم بأن " التصور الإسلامي " لن يخلص من التشويه والانحراف والمسخ إلا حين نلقي عنه جملة بكل ما أطلق عليه اسم الفلسفة الاسلامية، وبكل مباحث علم الكلام، وبكل ما ثار من الجدل بين الفرق الإسلامية المختلفة في شتى العصور أيضا، ثم نعود إلى القرآن الكريم ... " (١) .

ج-) الرد على المنحرفين وأصحاب الأهواء بمنهج متميز، فالسلف - رحمهم اللهـ لما حذروا من المنطق ومن علم الكلام لم يكتفوا بهذا، وإنما ردوا وناقشوا أصحاب البدع بالأدلة النقلية والعقلية المبنية على الكتاب والسنة.

والسلف كانوا أصحاب منهج واضح، مقنع، وليس كما يزعم بعض أهل الكلام من أن السلف أو أهل الحديث لا يعرفون الرد ومجادلة الخصوم ويذكرون في ذلك قصة لهارون الرشيد لما منع الجدال في الدين وحبس أهل الكلام، وخلاصتها: أن ملك السند بعث يطلب منه أن يرسل إليه من يناظره، فأرسل إليه قاضيا- أو رجلا من أهل الحديث- فعجز عن مناظرته، فغضب الرشيد وسأل من حوله: " أليس لهذا الدين من يناضل عنه؟، فقيل له: بلى، هم الذين نهيتهم عن الجدال، وفيهم من هو في الحبس. فأحضروهم، وأرسل واحدا منهم إلى ملك السند، فدس له السم قبل وصوله إليه (٢) . وهذه قصة باطلة لأن فتح السند وقتل ملكها كان سنة ٩٣ هـ وهارون الرشيد تولى الخلافة سنة ١٧٠ هـ.


(١) خصائص التصور الاسلامي: كلمة في المنهج (ص:١٠ - ١١) .
(٢) المصدر المعروف لهذه القصة- التي وردت بعدة روايات - هو كتاب المنية والأمل- لابن المرتضي المعتزلي (ص: ٥٥ ا - ١٥٨) ت: محمد جواد مشكور، وهي في طبعة أرنلد التى أفرد فيها ذكر المعتزلة (ص: ٣١-٣٣) ، وذكرها النشار في نشأة الفكر الإسلامي (١/٥٠٤-٥٠٥) ، وردها، وانظر قواعد المنهج السلفي (ص: ٨٠-٨٢) الطبعة الثانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>