للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥-وفي مسألة أخبار الآحاد- وإفادتها للعلم ثم حجيتها في العقيدة- يسير الجويني في ركب غالب شيوخه في أنها لا تفيد العلم (١) ، وفي أحد المواضع في الشامل ذكر قولين أحدهما قول الباقلاني: إنه لا يقطع بها في القطعيات، الآخر قول الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني الذي ذكره قائلا: " وذهب الأستاذ أبو إسحاق إلى أن الحديث المدون في الصحاح الذي لم يعترض عليه أحد من أهل الجرح والتعديل، هو (٢) مما يقضي به في القطعيات، وليس من أصله أنه يبلغ مبلغ التواتر، إذ لو بلغه لأوجب العلم الضروري، ولكنه مما يتوجب العلم استدلالا ونظراً " (٣) ،ثم قال الجويني: "والصحيح في ذلك طريقه القاضي" (٤) ،وفي البرهان كانت عبارة قاسية جدا فيمن يقول إن خبر الواحد العدل يفيد العلم، يقول: " ذهبت الحشوية من الحنابلة، وكتبة الحديث إلى أن خبر الواحد العدل يوجب العلم، وهذا خزي (٥) لا يخفي مدركه على ذي لب " (٦) .

ب- تأويله للاستواء وللصفات الخبرية:

في العرض السابق لأقوال شيوخ الأشاعرة- قبل الجويني- تبين أن تأويل هذه الصفات كان موجودا قبل الجويني، وليس كما اشتهر من أنه أول من تأولها، ومع ذلك فللجويني مذهب متميز فيها، قرب فيه من مذهب المعتزلة٠

ويوضح ذلك أن السابقين كابن فورك ومن بعده قالوا بنفي الجهة، ثم قالوا في الاستواء: إنه بمع نى العلو بالقهر والتدبير - كما يقول ابن فورك- أو على معنى الملك - كما يقول البغدادي - لكنهم أبطلوا تأويل المعتزلة استوى باستولى،


(١) انظر: الإرشاد (ص: ١٦١) ، والشامل (ص: ١٠٠) .
(٢) في الشامل (وهو) والواو زائدة.
(٣) الشامل (ص: ٥٥٧) .
(٤) نفس المصدر والصفحة.
(٥) ذكر المحقق في الحاشية أن في نسخة ت:خرق.
(٦) البرهان (١/٦٠٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>